وما ذكره الأشعريّة في الرؤية (١) غير معقول ؛ ولقوله تعالى لموسى عليهالسلام : ( لَنْ تَرانِي ) (٢) ولتعليقه تعالى رؤيته على استقرار الجبل حال الحركة ، والمعلّق على المحال محال.
وأمّا قوله تعالى : ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ ) (٣) فمن باب حذف المضاف ، وهو كثير في اللغة ، وكلّ ما رووه من الأحاديث في الرؤية (٤) فهو موضوع أو مؤوّل.
[ المسألة ] الثانية والعشرون : الله تعالى ليس بمفتقر ، وهو المعبّر عنه بكونه غنيّا ، وهذه الصفة سلبيّة كصفة الوحدة وإن لمح فيهما معنى الثبوت للفظهما.
وبرهانه : أنّه لو افتقر في ذاته أو صفاته لكان ممكنا ، وقد بيّنّا أنّه تعالى واجب الوجود.
[ المسألة ] الثالثة والعشرون : الله تعالى ليس قادرا بقدرة ، ولا عالما بعلم ، ولا حيّا بحياة ، ولا موجودا بوجود ، إلى غير ذلك ؛ إذ لو احتاج في ذلك إلى مغن لكان مفتقرا إلى غيره ، والمفتقر ممكن ، وقد بيّنّا أنّه تعالى واجب الوجود. وما ذكره البهشميّة من الأحوال (٥) غير معقول.
[ المسألة ] الرابعة والعشرون : العقل قاض بحسن أشياء وقبح أشياء ، كحسن الصدق والإنصاف ، وشكر النعم ، وقبح أضدادهما ، والضرورة قاضية به ، والمنازع مكابر لصريح عقله ، ومن ثمّ حكم به من لا يتدبّر شريعة ولا يعتقد ملّة كالملاحدة (٦) والبراهمة (٧) ؛ ولأنّه لو لا ذلك لتعذّر معرفة صدق النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ولم يوثق بوعد الله تعالى ووعيده ، وفيه هدم الدين بالكلّيّة.
[ المسألة ] الخامسة والعشرون : نحن فاعلون لأفعالنا الحسنة والقبيحة ، والضرورة قاضية به ؛ ولتعلّق المدح والذمّ منّا عليها دون ألواننا وأشكالنا ، ولتعذيب العاصي ، وهو قبيح
__________________
(١) للمزيد راجع الملل والنحل ١ : ١٠٠ و ١٠٥.
(٢) الأعراف (٧) : ١٤٣.
(٣) القيامة (٧٥) : ٢٢.
(٤) انظر صحيح البخاري ١ : ٢٠٣ / ٥٢٩ و ٥٤٧ ؛ و ٤ : ١٨٣٦ / ٤٥٧٠ ؛ و ٦ : ٢٧٠٣ / ٦٩٩٧ و ٦٩٩٩.
(٥) لمزيد التوضيح راجع الملل والنحل ١ : ٨٢.
(٦) راجع الملل والنحل ٢ : ٢٥٠ ـ ٢٦١.
(٧) راجع الملل والنحل ٢ : ٢٥٠ ـ ٢٦١.