وهل يصحّ الحجّ مع شغل الذمّة بحقّ الله كزكاة أو خمس ، أو حقّ آدميّ كمغصوب أو مستدان مطالب به أو لا يعلم به المستحقّ ، أم لا؟ فإن كان الثاني ، فما المراد من قولهم : لو حجّ بمال حرام صحّ حجّه مع سبق الوجوب بغيره؟
الجواب : لا يستقرّ الحجّ على هذه الصورة ، والمراد بمنع الأصحاب من التزويج لمن استطاع هو المنع في أيّام سفر القافلة أو ما قاربه. وكذا الكلام في الهبة وغيرها.
والكفّارات المختصّة في المال والنذور كذلك معتبرة من جملة الديون التي تمنع الاستطاعة إلّا بعد إيفائها والخروج منها.
والخمس لا يتعلّق بقدر الاستطاعة ؛ لأنّها من المؤن.
نعم ، لو كان ملكه الاستطاعة تدريجا في سنين متعدّدة ، فإنّ الخمس يتعلّق بالسنين السالفة على كمال الاستطاعة.
والأصحّ صحّة الحجّ لمن عليه حقوق وإن كانت مضيّقة ؛ لأنّهما واجبان اجتمعا فيخرج عن العهدة بفعل أيّهما شاء.
والاحتجاج بأنّ حقّ الآدميّ مقدّم على حقّ الله تعالى ، والأمر بالشيء نهي أو مستلزم للنهي عن ضدّه ؛ وأنّ النهي مفسد للعبادة ممنوع مقدّماته ، لكن ثمار تحقيقه في الأصول.
المسألة الرابعة والعشرون : ما قوله ( أدام الله فضله ) فيما قوّاه شيخنا في المختلف من أنّه لو لم يعلم الوصي بالوصيّة فله ردّها بعد موت الموصي (١) ، هل يعمل عليه سيّدنا ، أم لا؟
فإن كان الثاني ، فلو ردّ الوصيّ الوصيّة ، هل يكون ضامنا لما يتلف من مال الموصي ـ على تقدير أنّه لو دخل في الوصيّة يحفظه ـ أم لا؟
الجواب : الذي دلّ عليه كلام أصحابنا والرواية (٢) أنه لا يجوز الردّ ، فلو ردّ لما يحفظ ، كان ضامنا لما يتلف بسبب إهماله الحفظ ؛ لأنّ ذلك عين التفريط.
المسألة الخامسة والعشرون : ما قوله ( دام فضله ) فيما يتداوله التجّار من أنّهم يوردون أثمان أمتعتهم عند الصرّاف مع غلبة ظنّهم أنّه أحفظ لها ؛ فلو كان بيد شخص وديعة أو
__________________
(١) مختلف الشيعة ٦ : ٢٩٩ ، المسألة ٨٢.
(٢) الفقيه ٤ : ١٤٤ / ٤٩٦ ؛ الوسائل ١٩ : ٣١٩ / ١ ، باب ٢٣ من أبواب الوصايا.