بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله بجميع محامده على جميع عوائده ، وله الشكر لسابق أقسامه على جميع إنعامه ، وأفضل صلاة وتسليم على نبيّ من خير صميم ، محمّد النبيّ الأمّي وعلى آله الغرّ اللهاميم صلاة تبلغنا دار النعيم ، وتنجينا من العذاب الأليم.
وبعد ، فهذه رسالة في المسائل الكلاميّة ، وضعتها تقرّبا إلى بارئ البريّة ، وحصرتها في أربعين مسألة :
: العالم ـ وهو كلّ موجود سوى الله تعالى ـ حادث ، بمعنى أنّه مسبوق بالعدم سبقا لا يجامع فيه المتقدّم المتأخّر ، وليس ذلك السبق بالزمان ؛ لأنّ الزمان نفسه مسبوق بعلّة.
وبرهانه : أنّ ما سوى الله تعالى إمّا جواهر أي قائمة بنفسها ، أو أعراض أي قائمة بغيرها حالّة فيه ، وحدوث الأجسام يستلزمه حدوث الأعراض ؛ لعدم تصوّرها غير تابعة لها ، والتابع للحادث حادث.
فنقول : الأجسام لا تخلو من حصول في مكان أو وضع بالضرورة ، فذلك الحصول إن كان حادثا لزم حدوث الجسم ؛ لعدم انفكاكه عن الحادث ، وإن كان قديما لزم عدم تغيّره ؛ لأنّ القديم إن كان واجب الوجود استحال عدمه ، وإن كان ممكن الوجود فعليه لا بدّ وأن يكون واجب الوجود ؛ لاستحالة التسلسل ، وأن يكون موجبه ؛ لأنّ أثر المختار محدث لما يأتي ويلزمه من استحالة عدمه عليه عدمه ، لكنّ التغيّر جائز اتّفاقا ؛ ولأنّ الأجسام لا تنفكّ من