الأولى : أنّ العقل يحكم بحسن أشياء وقبح أشياء كما مرّ ، والعلم بذلك ضروري.
والمنازع إن لم يكن مكابرا فقد خفي عليه التصوّر ؛ ولأنّهما لو انتفيا عقلا لانتفيا سمعا ؛ لانسداد باب إثبات النبوّة.
الثانية : هل حسن الأشياء وقبحها للذات ، أو للوجه اللاحق للذات؟ البصريّون من العدليّة على الأوّل ، والبغداديّون على الثاني ؛ لتعليل كلّ منهما بعلل عارضة ؛ ومن ثمّ أمكن كون الشيء الواحد بالشخص حسنا وقبيحا باعتبارين ، كضرب اليتيم ؛ وعلى هذا يترتّب النسخ.
إذا لحظ ذلك فنقول : لو لا الوجه المخصوص لكان ترجيح الواجب بخصوصه على الحرام ليس أولى من عكسه ، وبطلان التالي ظاهر ، فحينئذ نشرع في بيان الوجه مفصّلا في ثلاثة مباحث :
وجه الضروري هو اشتماله على المنافع والمضارّ التي لا يمكن مفارقتها إيّاه ، كالصدق ، والإنصاف. ومن جعلها لذاته علّلها بنفس كونها صدقا وإنصافا إلى آخره ؛ لدوران العلم بأحكام تلك الأفعال والتروك مع العلم بها وجودا وعدما. فلو كان هناك وجه آخر امتنع ذلك بالنسبة إلى الجاهل بذلك الوجه ؛ ولأنّه لو كان غير ذاتي لأمكن الانقلاب في الأحكام ، وإنّه محال.
ولوجوبه وجوه ثلاثة :
الأوّل : أنّه شرط في العلم بالثواب والعقاب على الضروري ، وشرط الواجب المطلق واجب.
أمّا الصغرى : فلأنّ العلم بالجزاء موقوف على معرفة المجازي ، ومعرفة قدرته الذاتيّة العامّة ؛ لتوقّف المجازاة عليها. ومعرفة علمه كذلك ؛ حذرا من النقص ، أو الإيفاء لغير الفاعل ،