واجبة ، والمعطوف على الواجب واجب ، فلو أمر الإمام بمعصية لوجب أن يطاع فيها ، وهو باطل قطعا ، فيستحيل صدورها منه ، وإلّا لوجب اتّباعه فيها ، وغير عليّ عليهالسلام ليس بمعصوم بالإجماع ، أو غير مشروط فيه العصمة.
ومنها : ما تواتر من طرق الشيعة مع انتشارهم في أقطار الأرض ، وقيام عدد التواتر فيهم ، ونقلته شرذمة ممّن ترك الأهواء من أهل الخلاف : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم نصّ عليه بالألفاظ الصريحة التي لا تحتمل التأويل ، مثل قوله : « هذا إمامكم بعدي سلّموا عليه بإمرة المؤمنين » (١) « هذا خليفتي عليكم » (٢).
ومنها : ما تواتر من قبل الفريقين ، ولم ينكره أحد من أهل القبلة ، وهو قوله بغدير خم عام حجّة الوداع حيث جمع الرجال وصعد المنبر ، وقال :
ألست أولى منكم بأنفسكم؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : فمن كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، وأدر الحقّ معه كيفما دار. (٣)
ولفظة « مولى » يعني أولى ، وهو مشهور الاستعمال في اللغة العربيّة (٤) ، ويدلّ عليه قوله :
« ألست أولى ».
ومنها : ما صحّ نقله عن الخصم عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لمّا توجّه إلى غزوة تبوك وخلّف عليّا عليهالسلام بالمدينة واستخلفه عليها ، فقال : « يا رسول الله تخلفني مع النساء والصبيان؟ » فقال : « أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي ». (٥)
والمنزلة للعموم ، وإلّا لما صحّ الاستثناء ، ومن جملة منازل هارون أنّه لو عاش بعد موسى لكان خليفة ، فيكون عليّ عليهالسلام خليفة ؛ ولأنّه استخلفه على المدينة ولم ينقل عزله عنها.
[ المسألة ] السابعة والثلاثون : الإمام الحقّ بعد عليّ عليهالسلام ولده أبو محمّد الحسن الزكيّ ،
__________________
(١) تفسير القمّي ١ : ٣٠١ ذيل الآية ٧٤ من سورة التوبة (٩).
(٢) إتحاف السادة المتّقين ٢ : ٢٢٢.
(٣) كمال الدين : ٣٣٧ / ٩ ؛ المعجم الكبير للطبراني ٥ : ١٩٥ / ٥٠٦٨.
(٤) لسان العرب ١٥ : ٤٠٢ ، « ول ى ».
(٥) مسند أحمد ١ : ١٧٥ و ١٨٢ ؛ المعجم الكبير للطبراني ٥ : ٢٠٣ / ٥٠٩٤ و ٥٠٩٥.