[ المسألة ] الخامسة والثلاثون : يشترط فيه أن يكون معصوما ؛ لما قلناه في النبيّ ؛ ولما قلناه فيه ؛ ولأنّ العلّة المحوجة إلى نصبه هو جواز الخطأ على الأمّة ، فلو لم يكن معصوما لافتقر إلى إمام آخر ويتسلسل ، وقد بيّنّا بطلانه.
ويشترط فيه أن يكون أفضل من رعيّته فيما هو إمام فيه ، وقد تقدّم دليله في النبيّ.
ويشترط فيه أن يكون منصوصا عليه من الله تعالى ، ومن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ لأنّ العصمة أمر باطن خفيّ لا يطّلع عليه إلّا الله تعالى ، فلا طريق إلّا هو ، والمعجز الظاهر على يد الإمام.
[ المسألة ] السادسة والثلاثون : الإمام الحقّ بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بلا واسطة أمير المؤمنين وإمام المتّقين أبو الحسن عليّ بن أبي طالب ( عليه أفضل الصلوات والسلام وأكمل التحيّات ) وهو ظاهر جدّا بعد بيان القواعد السالفة ؛ إذ العصمة والنصّ والأفضليّة لم تحصل إلّا فيه إمّا بالإخبار والسماع ، وإمّا بخلوّ الاشتراط لهما في غيره ، فلو لم تكن حاصلة فيه ، لزم خلوّ الزمان عن إمام مع وجوب اللطف على الله تعالى ، وهو محال.
ولنذكر طرقا من النصوص الدالّة عليها.
منها : قوله تعالى : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) (١) و « إنّما » للحصر بالنقل عن اللغويّين (٢) ، والوليّ هو الأولى بالتدبير ، والعطف يوجب مساواة المعطوف [ للمعطوف ] عليه. وقد ثبتت الولاية لله ولرسوله وللمؤمنين ، وليسوا بأسرهم موصوفين بالولاية ؛ لاتّصافهم بصفة خاصّة ، بل بعضهم ، وذلك هو عليّ عليهالسلام ؛ للإجماع على صدقته بخاتمه حال ركوعه فنزلت فيه هذه الآية ، ذكره الثعلبي (٣) وغيره من المفسّرين.
ومنها : قوله تعالى : ( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) (٤).
وتوجيهه : أنّ الله تعالى عطف طاعة أولي الأمر على طاعة الله والرسول وطاعتهما
__________________
(١) المائدة (٥) : ٥٥.
(٢) الصحاح ٤ : ٢٠٧٣ ؛ القاموس المحيط ٤ : ٢٠٠ ، « أ ن ن ».
(٣) حكاه عنه في مجمع البيان ٣ : ٣٦١.
(٤) النساء (٤) : ٥٩.