من القليل ، إلى غير ذلك. وكلّ من كان كذلك كان نبيّا ؛ لاستحالة أن يصدّق الله تعالى الكاذب على ما تقدّم ؛ ولأنّ الطريق الذي ثبتت فيه النبوّة للأنبياء السالفين حاصل فيه ، فوجب الحكم بنبوّته.
[ المسألة ] الثانية والثلاثون : هو صلىاللهعليهوآلهوسلم معصوم من الذنوب : كبيرها وصغيرها ، عمدها وسهوها وخطئها ، من أوّل عمره إلى آخره. والعصمة لطف يفعله الله تعالى بالمكلّف ، يعلم عنده وقوع الطاعة وترك المعصية اختيارا.
وبرهانه : أنّه لو لا ذلك لم يوثق بإخباراته الأمان من التكاليف الشرعيّة والجرأة عليها ، فتنتفي قاعدة البعثة ، وهو باطل ؛ ولأنّ العقول تنفر من اتّباع من عهد منه معصية ما ، وهي مأمورة بالإقبال عليه ؛ لوجوب أذاه لو فعل معصية ، وقد قال تعالى : ( وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ ) (١).
ويجب كونه أفضل من رعيّته فيما هو نبيّ فيه ؛ لقبح تقديم المفضول على الفاضل عقلا ولقوله تعالى : ( أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلّا أَنْ يُهْدى ) (٢).
ويجب تنزيهه عن دناءة الآباء والأمّهات والنقائص المنفّرة كالجذام والبرص ؛ لنقص المتّصف بذلك ، وعدم إقبال القلوب عليه فلا يحصل الغرض من بعثته.
[ المسألة ] الثالثة والثلاثون : هو خاتم الأنبياء ، وهو معلوم من السمع ؛ إذ لا مجال للعقل ، وقد علم بالضرورة من دينه عليهالسلام ذلك ؛ ولقوله تعالى : ( وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ ) (٣).
[ المسألة ] الرابعة والثلاثون : الإمامة زعامة عامّة لشخص من الناس في الأمور الدينيّة والدنيويّة نيابة عن النبيّ ، والقيد الآخر يخرج النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يلتزم بكونه إماما ، أو أريد تعريف الإمام الخاصّ.
وهي حسنة واجبة ؛ لما تقدّم في النبوّة آنفا ، [ و ] وجوبها على الله تعالى ؛ فلأدائه إلى الهرج والمرج لو وجب على الأمّة.
__________________
(١) الأحزاب (٣٣) : ٥٣.
(٢) يونس (١٠) : ٣٥.
(٣) الأحزاب (٣٣) : ٤٠.