الساهي والمصلّي ، وبين الساهي عن الشرب والشارب إذا لم يفعلا تركا.
وأمّا الشكر : فلأنّه لغة : طمأنينة النفس على تعظيم المنعم كما نقله بعض المتكلّمين ، أو الثناء على المحسن بما أولاه من المعروف كما ذكره اللغوي (١).
وعرفا : الاعتراف بالنعمة مع ضرب من التعظيم ؛ لدوران الشكر معه وجودا وعدما.
وظاهره مغايرة العبادة للمعنيين.
ولأنّ مجرّد الاعتراف القلبي كاف في معرفة الله سبحانه شكر العبد ، وإنّما احتيج إلى اللسان لإشعار المشكور ، فلا معنى لوجوب الزائد على الاعتراف.
ولأنّ الشكر يمتنع الخلوّ من وجوبه بخلاف العبادة ، فإنّها قد يقبح واجبها كصلاة الحائض ، ويجب قبيحها كأكل الميتة ، ومن ثمّ تطرّق النسخ إلى السمعيّات. ولقبح الإلزام بشكر النعمة شاهدا فكذا غائبا.
وفي الجميع نظر.
أمّا الأوّل : فلأنّه وارد في كلّ عبادة ، عقليّة كانت أو نقليّة ، فإنّ فعلها مقرّب من عبادة أخرى ، وتركها مبعّد ، مع أنّ وجوبها لا يكون معلّلا بها ، فلو صحّ هذا لزم تعليل كلّ عبادة بالأخرى ، وهم لا يقولون به.
وأمّا الآيات الكريمة : فإنّها تدلّ على حصول هذه الغايات عندها ، وأمّا أنّ تلك الغايات هي العلّة الموجبة لأصلها فلا ، والنزاع إنّما هو فيه.
وأمّا الثاني : فلجواز إرادة القائل بالأمر والنهي ما فسّرناه ، فلا يرد عليه ما ذكروه.
وأمّا الترك فلا يلزم من المخاطبة بالأفعال أن لا يكون الوجوب لأجل ما يتضمّن الترك من المفسدة. ووجوب سبق البيان ممنوع ، والساهي غير مكلّف.
ونمنع شمول التفسيرين لما يصدق عليه اسم الشكر. ونحن قد بيّنّا أنّ الشكر الخاصّ شامل للعبادات. سلّمنا ، لكنّ العبادة مشتملة عليهما.
قوله : بخلاف العبادة فإنّها قد تقبح.
__________________
(١) لسان العرب ٤ : ٤٢٤ ، « ش ك ر ».