قال مالك بن أوس : وكان علي بن أبي طالب عليهالسلام أكثر ما يسكن القناة (١) ، فبينا نحن في المسجد بعد الصبح إذ طلع الزبير وطلحة ، فجلسا في ناحية عن علي عليهالسلام ، ثم طلع مروان وسعيد وعبد الله بن الزبير والمسور بن مخرمة فجلسوا ، وكان علي عليهالسلام جعل عمار بن ياسر على الخيل ، فقال لأبي الهيثم بن التيهان ولخالد بن زيد أبي أيوب ولأبي حية ولرفاعة بن رافع في رجال من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله : قوموا إلى هؤلاء القوم ، فإنه بلغنا عنهم ما نكره من خلاف أمير المؤمنين إمامهم ، والطعن عليه ، وقد دخل معهم قوم من أهل الجفاء والعداوة ، وإنهم سيحملونهم على ما ليس من رأيهم.
قال : فقاموا ، وقمنا معهم حتى جلسوا إليهم ، فتكلم أبو الهيثم بن التيهان ، فقال : إن لكما لقدما في الاسلام وسابقة وقرابة من أمير المؤمنين ، وقد بلغنا عنكما طعن وسخط لأمير المؤمنين ، فإن يكن أمر لكما خاصة فعاتبا ابن عمتكما وإمامكما ، وإن كان نصيحة للمسلمين فلا تؤخراه عنه ، ونحن عون لكما ، فقد علمتما أن بني أمية لن تنصحكما أبدا وقد عرفتما ـ وقال أحمد : عرفتم ـ عداوتهم لكما ، وقد شركتما في دم عثمان ومالأتما ، فسكت الزبير وتكلم طلحة ، فقال : افرغوا جميعا مما تقولون ، فإني قد عرفت أن في كل واحد منكم خبطة.
فتكلم عمار بن ياسر رحمهالله فحمد الله وأثنى عليه ، وصلى على النبي صلىاللهعليهوآله ، وقال : أنتما صاحبا رسول الله ، وقد أعطيتما إمامكما الطاعة والمناصحة ، والعهد والميثاق على العمل بطاعة الله وطاعة رسوله ، وأن يجعل كتاب الله إمامنا ـ قال أحمد : وجعل كتاب الله إماما ـ ، وهو علي بن أبي طالب طلق النفس عن الدنيا ، وقدم كتاب الله ، ففيم السخط والغضب على علي بن أبي طالب عليهالسلام! فغضب الرجال في الحق : أنصرا نصركما الله.
فتكلم عبد الله بن الزبير ، فقال : لقد تهذرت يا أبا اليقظان. فقال له عمار : مالك
__________________
(١) القناة : واد من أودية المدينة.