.................................................................................................
______________________________________________________
منه شيء منهما كي يحكم بعدم الاعتداد بها. والركعة وإن ذكرت في رواية المعلّى لكنّها لم تصدر منه كي يحكم عليها بعدم الاعتداد. وهكذا الحال في رواية أبي هريرة المتقدّمة (١) ، فانّ عود الضمير فيها إلى الصلاة بعيد في الغاية ، لما ذكر.
وثانياً : فلأنّ الأقرب يمنع الأبعد ، ومقتضاه عود الضمير إلى السجدة لكونها أقرب ، فيتعيّن الاحتمال الثاني.
وأمّا حديث تأنيث الضمير فغير قادح ، حيث لا يتعيّن عوده إلى المصدر المستفاد من الكلام دائماً ، بل يختلف ذلك باختلاف المقامات والمناسبات ، فربما يعود الضمير إليه ، وربما يعود إلى اسم المصدر وهو السجدة في المقام بكسر السين.
وقد تعرّضنا في بحث المشتق من أُصول الفقه (٢) للفرق بين المصدر واسمه ، وقلنا : إنّهما متّحدان ذاتاً متغايران اعتباراً ، كالإيجاد والوجود ، فانّ العرض إذا لوحظ فيه المعنى الحدثي أعني قيامه بالمحلّ وانتسابه إليه فهو المصدر ، ويعبر عنه في المقام بالسجود ، وإن لوحظ بحياله واستقلاله وبما هو موجود مستقلّ في مقابل سائر الموجودات مع صرف النظر عن الانتساب فهو اسم المصدر ، المعبر عنه في المقام بالسجدة بكسر السين كما عرفت.
والشائع في اللغة الفارسية هو الانفكاك بينهما في الصيغة ، فالمصدر لحدث الضرب يعبر عنه بـ (زدن) واسم المصدر (كتك) ، وهو قليل في اللغة العربية.
وغير خفي أنّ المناسب في المقام هو عود الضمير إلى اسم المصدر دون المصدر نفسه ، فانّ المحكوم عليه بعدم الاعتداد هو ذات السجود لا بوصف الانتساب إلى الفاعل ، إذ لا معنى لرعاية المعنى الحدثي في هذا الحكم كما لا يخفى.
فظهر أنّ المتعيّن بمقتضى القواعد الأدبية هو عود الضمير إلى السجدة ، وأنّ تأنيث الضمير حينئذ في محلّه ، ولا مجال لإرجاعه إلى الصلاة ولا إلى الركعة.
__________________
(١) في ص ١١٨.
(٢) محاضرات في أُصول الفقه ١ : ٢٧٧.