.................................................................................................
______________________________________________________
ومن الواضح أنّ الفرضيّة والنفليّة من العناوين المقوّمة للموضوع ، الموجب لتعدّده حتّى بنظر العرف ، كالظهريّة والعصريّة ، والأداء والقضاء ، وغسل الحيض والجنابة ، ونحو ذلك ممّا يتقوّم بالعناوين القصديّة ، الموجبة لتغايرها في الحقيقة والماهية وإن اتّحدت صورة ، وليست من الحالات المتبادلة الطارئة على الموضوع الواحد حتّى يجري فيه الاستصحاب كما لا يخفى.
وعلى الجملة : فلا مجال للترديد في جواز القطع بعد العدول ، لكنّه خاصّ بما إذا بدا له في القطع بعد ما عدل ، دون ما إذا كان بانياً عليه من الأوّل ، وإلّا فمشروعيّة العدول حينئذ مشكلة في حدّ نفسه ، لعدم الدليل عليها بعد أن لم يكن المعدول إليه فريضة ولا نافلة. ومن الواضح قصور الصحيحة والموثّقة عن الشمول لمثل ذلك ، لانصرافهما إلى ما إذا عدل إلى تمام الركعتين ، لا إلى البعض منهما كما هو لازم البناء على القطع من الأوّل.
نعم ، لا مانع من قطع الفريضة لإدراك الجماعة من قبل أن يعدل بها إلى النافلة ، لعدم الدليل على حرمة القطع حينئذ ، فإنّ مستندها هو الإجماع كما مرّ ولا إجماع في مثل المقام ، كيف وقد نسب إلى جمع من الأعلام كالشيخ (١) والقاضي (٢) والشهيد في كتبه الثلاثة الدروس (٣) والذكرى (٤) والبيان (٥) وجماعة من المتأخّرين جواز القطع فيما نحن فيه. ومن الواضح أنّ النصّ المتضمّن للعدول إلى النافلة غير ناظر إلى المنع عن القطع كما لا يخفى.
ومنه تعرف أنّ الاستصحاب المتقدّم آنفاً مع الغضّ عمّا أوردناه عليه ساقط في حدّ نفسه ، لعدم اليقين بالحالة السابقة حتّى نستصحب الحرمة لو لم يكن يقين بالعدم كما عرفت.
__________________
(١) النهاية : ١١٨.
(٢) لاحظ المهذب ١ : ٨٣.
(٣) الدروس ١ : ٢٢٢.
(٤) الذكرى ٤ : ٤٦٨.
(٥) البيان : ٢٢٧.