وأمّا في الأخيرتين من الإخفاتية أو الجهريّة فهو كالمنفرد (*) في وجوب القراءة أو التسبيحات مخيّراً بينهما ، سواء قرأ الإمام فيهما أو أتى بالتسبيحات سمع قراءته أو لم يسمع (١).
______________________________________________________
وملخّص الكلام : أنّا لا نعقل التوفيق بين الجزئية وبين الإباحة أو الاستحباب ، سواء أُريد بها الجزئية للطبيعة أم للفرد.
نعم ، بعد أن رخّص الشارع في إتيان شيء في الصلاة بعنوان أنّها صلاة وكان مسانخاً لأجزائها كما في المقام ، فبما أنّ الصلاة عبادة كان الشيء المرخّص فيها أيضاً عباديا بحسب الفهم العرفي ، فيكون محبوباً ومأموراً به لا محالة لتقوّم العبادة بالأمر. فالجواز والترخيص مساوق للاستحباب في خصوص المقام.
وحيث قد عرفت المنافاة بين الجزئية وبين الاستحباب فلا مناص من الالتزام بكونه مأموراً به بأمر استحبابي استقلالي ، غاية الأمر أنّ موطنه وظرفه الصلاة كما في القنوت ، وكذا القراءة في المقام والأذكار المستحبّة في الركوع والسجود.
وبذلك تمتاز هذه الأُمور عن مثل التصدّق في الصلاة ، فإنّه وإن كان مستحبّاً أيضاً لكنّه لا يختصّ بالصلاة ، ولا يرتبط بها. فهو والتصدّق خارج الصلاة على حدّ سواء ، بخلاف تلك الأُمور فإنّها بما هي كذلك وظائف مقررة حال الصلاة ، ومربوطة بها ارتباط المظروف بظرفه. وهذا هو المراد من الجزء المستحب ، ولا نعقل له معنى صحيحاً وراء ذلك.
فاتّضح من جميع ما قدّمناه أنّ الأقوى استحباب القراءة في المقام كما اختاره في المتن ، وجواز الإتيان بها بقصد الجزئية بالمعنى الذي ذكرناه.
(١) قدّمنا في بحث القراءة (١) أنّ مقتضى الجمع بين النصوص هو الحكم
__________________
(*) الأحوط تعيّن التسبيح له في الصلاة الجهريّة كما مرّ.
(١) شرح العروة ١٤ : ٤٧٥.