.................................................................................................
______________________________________________________
وثالثاً : لا نسلّم كون النهي عن القراءة تنزيهياً في الأخيرتين ، بل الظاهر أنّه تحريمي ، لعدم الدليل على جواز القراءة في الأخيرتين بالإضافة إلى المأموم في الصلوات الجهرية التي هي مورد الصحيحة. ومن هنا ذكرنا في بحث القراءة (١) وسيجيء قريباً إن شاء الله تعالى (٢) أنّ الأحوط وجوباً اختياره التسبيح ، إذ لم يثبت التخيير بينه وبين القراءة في الأخيرتين إلّا في المنفرد أو المأموم في الصلوات الإخفاتية.
وعليه فلا مانع من الأخذ بظاهر النهي الوارد في الصحيحة في كلتا الفقرتين والحكم بالحرمة في الأوّلتين والأخيرتين معاً.
ثانيتهما : تعليل النهي عن القراءة بالإنصات ، وحيث إنّه مستحبّ إجماعاً إلّا من ابن حمزة (٣) كان النهي للكراهة لا محالة ، لامتناع أن يكون الحكم الاستحبابي علّة لحكم إلزامي.
وربما يؤيّد الاستحباب باستفادته من نفس الآية الكريمة ، قال تعالى (وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (٤) فانّ تعريض النفس للرحمة غير واجب ، وإن وجب تعريضها للغفران ودفع العذاب.
أقول : ظاهر الأمر بالإنصات في الآية المباركة المفسّرة بالفريضة خلف الإمام في الصحيحة المتقدّمة هو الوجوب. والإجماع المدعى ليس إجماعاً تعبّدياً كاشفاً عن رأي المعصوم عليهالسلام البتة ، فلا يصلح لرفع اليد به عن ظاهر الأمر.
ولا ينافي ذلك استحباب التسبيح في النفس المأمور به في بعض النصوص إمّا لعدم المنافاة بين الإنصات والإصغاء وبين التسبيح الخفيّ ، بناءً على ما يظهر
__________________
(١) شرح العروة ١٤ : ٤٧٧ ، ٤٨٠.
(٢) في ص ٢١٨ ٢١٩.
(٣) الوسيلة : ١٠٦.
(٤) الأعراف ٧ : ٢٠٤.