.................................................................................................
______________________________________________________
من بعض اللغويين من أنّ الإنصات ليس هو السكوت المطلق ، بل بمعنى عدم الجهر ، ولذا لو اشتغل بعض المستمعين بالذكر الخفيّ والخطيب على المنبر لا يصادم ذلك مع الإنصات والاستماع كما لا يخفى ، أو على تقدير التنافي فغايته الالتزام بالتخصيص واستثناء التسبيح.
وأمّا الاستشهاد للاستحباب بقوله تعالى (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) بدعوى عدم وجوب تعريض النفس للرحمة وإن وجب تعريضها لدفع العذاب. ففيه : أنّه لا واسطة بين الأمرين إمّا العذاب أو الرحمة ، وأنّ تعريض النفس للرحمة مساوق لتعريضها لدفع العذاب ، وأحدهما عين الآخر.
كما يكشف عن عدم الواسطة وأنّه إمّا عذاب أو جنّة جملة وافرة من الآيات الكريمة ، قال تعالى (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ) ... إلخ (١) ، دلّت على اختصاص الرحمة بالمؤمنين المطيعين لله ورسوله. فغير المؤمن وهم الكفار أو المنافقون معذّبون.
وقال تعالى (قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ. مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ) (٢) ، دلّت على أنّ المشمول للرحمة هو الذي يصرف عنه العذاب. فهو إمّا معذّب أو مشمول للرحمة مصروف عنه العذاب ، ولا ثالث.
وقال تعالى (وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ) ... إلخ (٣) ، دلّت على أنّ المرحوم هو المصون عن السيئات. فهو إما مسيء ففي الجحيم ، أو مرحوم ففي النعيم.
وقال تعالى (يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ. إِلّا مَنْ
__________________
(١) التوبة ٩ : ٧١.
(٢) الأنعام ٦ : ١٥ ١٦.
(٣) المؤمن ٤٠ : ٩.