.................................................................................................
______________________________________________________
رَحِمَ اللهُ ...) إلخ (١) ، دلّت على عدم النصر يوم الفصل إلّا لمن رحمه الله. فغير المرحوم غير منصور في ذلك اليوم ، فهو معذّب لا محالة.
وهذه الجملة أعني (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) الواردة في آية الإنصات قد وردت في غير واحد من الآيات ، ولا يحتمل فيها الاستحباب.
قال تعالى (وَاتَّقُوا النّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ. وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (٢) ، فإنّ الرحمة مترتّبة على إطاعة الله ورسوله باختيار الإسلام والفرار عن النار التي أُعدّت للكافرين ، ووجوبه واضح.
وقال تعالى (وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (٣) ، ترتّبت الرحمة على التقوى ومتابعة القرآن ، الواجب على كلّ أحد.
وقد ذكرنا في تفسير سورة الفاتحة حول قوله تعالى (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) ... إلخ (٤) أنّه تعالى قسّم المكلّفين إلى ثلاثة أقسام ، ولا رابع. فمنهم من يمشي في صراط مستقيم وهم الذين أنعم الله عليهم ، وغيرهم إمّا معاند وهو المغضوب عليه ، أو غير معاند وهو الضال (٥).
وعلى الجملة : فليست في قوله تعالى (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) دلالة على الاستحباب ليرفع اليد به عن ظهور الأمر بالإنصات في الوجوب. وقد عرفت أنّ الإجماع المدّعى على استحبابه ليس تعبّدياً ليعتمد عليه.
ودعوى السيرة المستمرّة على الترك كما قيل غير ثابتة.
فالأقوى وجوب الإنصات خلف الإمام ، عملاً بظاهر الأمر في الآية
__________________
(١) الدخان ٤٤ : ٤١ ٤٢.
(٢) آل عمران ٣ : ١٣١ ١٣٢.
(٣) الانعام ٦ : ١٥٥.
(٤) الفاتحة ١ : ٦.
(٥) البيان : ٤٩٢.