.................................................................................................
______________________________________________________
المباركة ، السليم عمّا يوجب صرفه إلى الاستحباب.
وممّا يؤكّد الوجوب قوله عليهالسلام في صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج : «وأمّا الصلاة التي يجهر فيها فإنّما أُمر بالجهر لينصت من خلفه ، فان سمعت فأنصت ...» إلخ (١) ، فانّ تعليل وجوب الجهر على الإمام بإنصات من خلفه يكشف عن وجوب الإنصات لا محالة ، وإلّا فكيف يكون الحكم الاستحبابي علّة لحكم إلزامي.
وعليه فليس في تعليل النهي عن القراءة بالإنصات في صحيحة زرارة المتقدّمة قرينة على الكراهة ، لتوقّفها على استحباب الإنصات ، وقد عرفت أنّ الأقوى وجوبه. فتركها عزيمة لا رخصة.
وقد يجاب عن هذه القرينة بأنّ تطبيق الآية في الصحيحة المتقدّمة يمكن أن يكون بلحاظ الأمر بالإنصات ، لا بلحاظ النهي عن القراءة ، فالتعليل راجع إلى الأوّل دون الثاني كي يدلّ على الكراهة.
وفيه : أنّ هذا بعيد جدّاً ، فانّ توسّط قوله عليهالسلام : «ولا تقرأنّ شيئاً في الأخيرتين» بين قوله : «فانّ الله عزّ وجلّ يقول ...» إلخ ، وبين قوله : «وأنصت لقراءته» مانع عن رجوع التعليل إلى الأمر بالإنصات كما لا يخفى.
بل الظاهر أنّ التعليل راجع إلى الجملة المتّصلة به ، أعني قوله عليهالسلام : «ولا تقرأنّ شيئاً في الأخيرتين» بقرينة فاء التفريع في قوله عليهالسلام : في آخر الصحيحة : «فالأخيرتان تبع للأوّلتين» ، ويكون حاصل المعنى : أنّ القراءة ممنوعة في الأخيرتين ، لأنّ الإنصات واجب في الأوّلتين بمقتضى الآية المباركة ، الملازم لترك القراءة فيهما ، فكذا تترك في الأخيرتين لأنّهما تابعتان للأولتين في هذا الحكم.
والمتحصّل من جميع ما قدّمناه : أنّ هذه الصحيحة لا تصلح للقرينية ليصرف النهي الوارد فيها وفي غيرها عن القراءة إلى الكراهة.
__________________
(١) الوسائل ٨ : ٣٥٦ / أبواب صلاة الجماعة ب ٣١ ح ٥.