.................................................................................................
______________________________________________________
ومنها : أي من القرائن موثّقة سماعة : «عن الرجل يؤمّ الناس فيسمعون صوته ولا يفقهون ما يقول ، فقال : إذا سمع صوته فهو يجزيه ، وإذا لم يسمع صوته قرأ لنفسه» (١) ، فانّ التعبير بالإجزاء يكشف عن جواز القراءة ، غير أنّ السماع يجزي عنها.
وفيه : أنّ الإجزاء لا يدلّ إلّا على جواز السماع بالمعنى الأعمّ والاكتفاء به عن القراءة ، وأمّا أنّها مكروهة أو محرّمة وأنّ تركها بنحو الرخصة أو العزيمة فلا دلالة فيه على ذلك بوجه.
بل يمكن أن يقال بدلالة الموثّقة على أنّ الترك بنحو العزيمة وأنّ القراءة ليست بجائزة ، بقرينة المقابلة بين هذه الفقرة وبين قوله عليهالسلام : «وإذا لم يسمع صوته قرأ لنفسه» ، فإنّ القراءة لدى عدم السماع جائزة لا واجبة نصاً وفتوى كما ستعرف ، ومقتضى المقابلة عدم الجواز لدى السماع ، إذ لو جاز معه أيضاً لما صحّ التقابل ، مع أنّ التفصيل قاطع للشركة.
وبعبارة اخرى : لا شكّ أنّ القراءة في الصورة الثانية ليست بواجبة للنصوص الدالّة على جواز الترك ، فتركها حينئذ رخصة قطعاً ، فان كان الترك في الصورة الأُولى أيضاً رخصة لم يبق فرق بين الصورتين فلا يصح التقابل فلا مناص من كونه عزيمة.
وعليه فالموثّقة تعاضد النصوص المانعة ، لا أنّها تعارضها كي تصلح قرينة لصرف النهي الوارد فيها إلى الكراهة.
فالإنصاف : أنّه ليست هناك قرينة يعتمد عليها في رفع اليد عن ظاهر النهي الوارد في تلك النصوص كي يحمل على الكراهة. فالأقوى حرمة القراءة وأنّ سقوطها بنحو العزيمة ، كما يؤكّده قوله عليهالسلام في صحيحة زرارة ومحمّد ابن مسلم المتقدّمة (٢) : «من قرأ خلف إمام يأتمّ به فمات بعث على غير الفطرة».
__________________
(١) الوسائل ٨ : ٣٥٨ / أبواب صلاة الجماعة ب ٣١ ح ١٠.
(٢) في ص ٢٠٥.