به ، إذ لا وجه لترك الرواية المتواترة أو المستفيضة وإن كان رواتها ضعافاً أو مجاهيل ، لعدم اشتراط الوثاقة فيهما.
وبذلك يبطل القول بأنّهم كانوا ملتزمين بنقل الروايات التي يرويها الثقات فقط ، كما تبطل الثمرة الرجالية المترتّبة عليها ، إذ كيف يمكن الحكم بوثاقة عامّة مشايخهم بمجرّد الرواية منهم ، مع أنّهم رووا عن الضعاف فيما إذا كانت الرواية متواترة أو مستفيضة ، ولايمكن تفكيك المتواتر والمستفيض في أعصارنا عن الواحد حتى يحكم بوثاقة مشايخهم في الأخير دون الأوّلين ، فإنّ الكلّ غالباً يتجلّـى بشكل واحد؟
وثانياً : كما أنّ حصر وجه الصحّة بالقرائن الخارجية بعيد ، كذلك حصر وجهها بالقرائن الداخلية التي منها وثاقة الراوي بعيد مثله ، والقول المتوسط هو الأدق ، وهو أنّهم كانوا ملتزمين بنقل الروايات الصحيحة ، الثابت صدورها عن الإمام ، إمّا من جهة القرائن الخارجية ، أو من جهة القرائن الداخلية ؛ وعندئذ لايمكن الحكم بوثاقة مشايخهم ، أعني : الذين رووا عنهم إلى أن ينتهي إلى الإمام ، لعدم التزامهم بخصوص وثاقة الراوي ، بل كانوا يستندون إلى الأعمّ منها ومن القرائن المورثة للاطمئنان بالصدور.
وثالثاً : لو كان المراد هو توثيقهم وتوثيق من بعدهم ، لكان عليه أن يقول : « أجمعت العصابة على وثاقة من نقل عنه واحد من هؤلاء » أو نحو ذلك من العبارات ، حتى لا يشتبه المراد.
ورابعاً : أنّ اطّلاع العصابة على جميع الأفراد الذين يروي هؤلاء الجماعة عنهم بلا واسطة أو معها بعيد للغاية ، لعدم تدوين كتب الحديث والرجال في تلك الأعصار بنحو يطّلعون على أسمائهم جميعاً.
الثاني : انّ جماعة من الرواة وُصفوا في كتب الرجال « بصحّة الحديث » (١)
__________________
١. لاحظ في الوقوف على أسماء من وصفت أحاديثهم بالصحّة كتاب « كليات في علم الرجال » : ١٩٨ ـ ١٩٩.