عبد الله بن عتبة ـ كلهم ـ عن عائشة فيما قال لها أهل الإفك فبرأها الله ممّا قالوا. وكلهم حدثني طائفة من حديثها ، وبعضهم كان أوعى لحديثها من بعض وأثبت لها (١) اقتصاصا ، وقد وعيت عن كل واحد منهم الحديث الذي حدثني عنها ، وبعض حديثهم يصدّق بعضا ، وإن كان بعضهم أوعى له من بعض قالت :
كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا أراد أن يخرج في سفر أقرع بين أزواجه فأيتهن خرج سهمها خرج بها رسول الله صلىاللهعليهوسلم [معه](٢) فقالت عائشة : فأقرع بيننا في غزاة غزاها ، فخرج [بها](٢) سهمي ، فخرجت مع النبي صلىاللهعليهوسلم [وذلك](٢) بعد ما أنزل الحجاب ، فأنا أحمل في هودجي ، فأنزل فيه ، حتى إذا فرغ رسول الله صلىاللهعليهوسلم من غزوته تلك ، ودنوا من المدينة ، نودي بالرحيل ، فخرجت حين أذنوا بالرحيل ، فتبرّزت لحاجتي حتى جاوزت الجيش ، فلما قضيت شأني أقبلت إلى رحلي ، فلمست صدري فإذا عقد لي من جزع (٣) أظفار ـ وصوابه ظفار ـ قد انقطع فخرجت في التماسه فحبسني ابتغاؤه ، وجاء (٤) الرهط الذين يرحلون لي ، واحتملوا هودجي فحملوه على بعيري الذي كنت أركب عليه ، وهم يحسبون أني فيه ، وكان النساء إذ ذاك لم يهبّلهنّ اللحم (٥) ، إنما تأكل إحدانا العلقة (٦) من الطعام فلم يستنكر القوم خفة الهودج حين رفعوه ، وكنت جارية حديثة السن فبعثوا الحمل وساروا ، فوجدت عقدي بعد ما استمر الجيش ، وجئت مبادرة وليس بها منهم داع ولا مجيب ، فتيممت منزلي الذي كنت فيه ، وظننت أنهم سيفقدوني فيرجعون إليّ ، فبينا أنا كذلك في منزلي إذ غلبتني عيناي (٧) فنمت ، وكان صفوان بن المعطّل السّلمي من وراء الجيش ، فأدلج فأصبح عند منزلي فرأى سواد إنسان نائم فأتاني فعرف (٨) حين رآني ، وقد كان يراني قبل الحجاب (٩) ، فاستيقظت باسترجاعه ، فخمرت وجهي
__________________
(١) أي أحفظ وأحسن سردا وإيرادا للحديث.
(٢) الزيادة عن مسلم.
(٣) الجزع ضرب من الخرز ، وقيل هو الخرز اليماني. وظفار : مدينة باليمن قرب صنعاء (معجم البلدان).
(٤) عند مسلم : «وأقبل» والرهط الجماعة دون العشرة.
(٥) أي يثقلن باللحم والشحم. يقال : هبله اللحم وأهبله : إذا أثقله وكثر لحمه وشحمه.
(٦) أي القليل من الطعام.
(٧) في مسلم : عيني.
(٨) في مسلم : فعرفني.
(٩) مسلم : قبل أن يضرب الحجاب عليّ.