أخبرنا أبو القاسم الشّحّامي ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني مخلد بن جعفر الباقرحي (١) ، حدثني محمّد بن جرير الطبري ، حدّثني يونس بن عبد الأعلى قال : وحدّثني أحمد بن الغمر قال : قال مسلمة لجلسائه : أيّ بيت في الشعر أحكم؟ قالوا الذي [يقول](٢) :
صبا ما صبا حتى علا الشيب رأسه |
|
فلما علاه قال للباطل : ابعد |
قال : فقال مسلمة إنه والله ما وعظني شعر قط ما وعظني شعر [عمران] بن حطان حين يقول (٣) :
أفي كل عام مرضة ثم نقهة |
|
وتنعى ولا تنعى متى ذا؟ إلى متى؟ |
فيوشك (٤) يوم أو توافق ليلة |
|
يسوقان حتفا راح نحوك أو غدا |
قال : فقال له رجل من جلسائه : إنّي والله ما سمعت بأحد أجلّ الموت ثمّ أفناه قبله حيث يقول :
لم يعجز الموت شيء دون خالقه |
|
[والموت](٥) فان إذا ما ناله الأجل |
وكلّ كرب أمام الموت متّضع |
|
للموت ، والموت فيما بعده جلل |
قال : فقال عبد الأعلى :
من كان حين تصيب الشمس جبهته |
|
أو الغبار يخاف الشين والشّعثا |
ويألف الظلّ كي تبقى بشاشته |
|
فسوف يسكن يوما راغما جدثا |
في قعر مقفرة غبراء مظلمة |
|
يطيل تحت الثرى في جوفها اللبثا |
كتب إليّ أبو عبد الله محمّد بن أحمد بن إبراهيم الرازي ، وحدّثنا أبو بكر يحيى بن سعدون بن تمام عنه ، أنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن الحسن العدّاس
__________________
(١) هذه النسبة إلى باقرح ، قرية من نواحي بغداد.
(٢) زيادة عن المختصر ، وقد ورد البيت بالأصل نثرا ، ونظمناه عن المختصر.
(٣) البيتان في شعر الخوارج صفحة ١٧٤.
(٤) في شعر الخوارج :
ولا بد من يوم يجيء وليلة
(٥) زيادة عن م لاستقامة الوزن.