أبصرت أشجارا على نهر |
|
فذكرت أنهارا وأشجارا |
لله أيّام نعمت بها |
|
بالقفص (١) أحيانا وفي بارا |
إذ لا أزال أزور غانية |
|
ألهو بها وأزور خمّارا |
لا أستجيب لمن دعا لهدى |
|
وأجيب شطّارا ودعّارا |
أعصي النصيح وكلّ عاذلة |
|
وأطيع أوتارا ومزمارا |
فغضب المأمون وقال : أنا في وجه عدوّ ، وأحضّ الناس على الغزو ، وأنت تذكّرهم نزهة بغداد؟ فقلت : الشيء بتمامه ، ثم قلت :
فصحوت بالمأمون من (٢) سكري |
|
ورأيت خير الأمر ما اختارا |
ورأيت طاعته مؤدية |
|
للفرض إعلانا وإسرارا |
فخلعت ثوب الهزل من (٢) عنقي |
|
ورضيت دار الخلد (٣) لي دارا |
وظللت معتصما بطاعته |
|
وجواره وكفى به جارا |
إن حلّ أرضا فهي لي وطن |
|
وأسير عنها حيث ما سارا |
فقال له يحيى بن أكثم : ما أحسن ما قال يا أمير المؤمنين! أخبر أنه كان في سكر وخسار ، فترك ذلك وارعوى ، وآثر طاعة خليفته ، وعلم أن الرشد فيها ، فسكن وأمسك.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، وأبو منصور بن خيرون قالا : قال لنا أبو بكر الخطيب (٤) : أحمد بن محمّد بن أبي محمّد يحيى بن المبارك ، أبو جعفر اليزيدي. سمع جده يحيى بن المبارك ، وأبا زيد سعيد بن أوس الأنصاري. روى عنه أخوه عبيد الله وابن أخيه محمّد بن العباس بن محمّد اليزيدي ، وعون بن محمّد الكندي. وكان أديبا عالما بالنحو شاعرا ، مدح المأمون والمعتصم وغيرهما. ومات قبل سنة ستين ومائتين (٦) بمدة (٧) طويلة.
__________________
(١) القفص : بالضم ثم السكون قرية مشهورة بين بغداد وعكبرا قريب من بغداد.
(٢) الأغاني : عن.
(٣) الأغاني : الجدّ.
(٤) تاريخ بغداد ٥ / ١١٧.
(٥) عن تاريخ بغداد وبالأصل : ومائة.
(٦) عن تاريخ بغداد ، وبالأصل «مدة».