أصبحت غوغاء الشام ، وطغام الأمّة ، وحثالة الأعراب ، وأجلاف الأحزاب ، وأبناء الطلقاء مجتهدين متأوّلين.
وزهٍ زهٍ بأولئك المتحلّين بأبراد الاجتهاد جراثيم الفساد ، قتلة الصفوة الأبرار ، الهاجمين على ناموس الإسلام ، وقدس صاحب الرسالة ، الخارجين عن طوع الكتاب والسنّة ، الفئة الباغية الطاغية ، المدرّبين بالشرّ والفساد وبغض العترة الطاهرة تحت راية الطليق ابن الطليق ، اللعين ابن اللعين بلسان النبيّ الأعظم (١) ، صدق رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في قوله : «آفة الدين ثلاثة : فقيه فاجر ، وإمام جائر ، ومجتهد جاهل» (٢).
وحسب الإسلام عاراً وشناراً أولئك الأعلام أصحاب هذه الآراء المضلّة والأقلام المسمومة التي تنزّه ساحة المجرمين عن دنس الفجور والنفاق ، وتجعل المحسن والمسيء والمبطل والمحق ، والطيّب والخبيث ، عكمَي (٣) بعير ، وتضلّ الأمّة عن رشدها بأمثال هذه الكلم التافهة ، والدعاوى الفارغة ، والآراء الساقطة ، وتصغّر في عين المجتمع الديني تلكم الجنايات العظيمة على الله وعلى رسوله وكتابه وسنّته وخليفته وعترته ومواليهم. (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً) (٤). (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ* وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) (٥).
وأوّل من فتح باب التأويل والاجتهاد ، وقدّس ساحة المجرمين بذينك ، وحابى رجال الجرائم والمعرّات بهما هو الخليفة الأوّل ، فقد نزّه بهذا العذر المفتعل ذيل خالد ابن الوليد عن دنس آثامه الخطيرة ، ودرأ عنه الحدّ بذلك كما سنوقفك على تفصيله إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) راجع الجزء الثالث من الكتاب : ص ٢٥١ ، ٢٥٢. (المؤلف)
(٢) كنز العمّال : ٥ / ٢١٢ [ ١٠ / ١٨٣ ح ٢٨٩٥٤ ]. (المؤلف)
(٣) العكمان : عدلان يشدّان على جانبي الهودج بثوب.
(٤) الكهف : ٥.
(٥) الزلزلة : ٧ و ٨.