هذا أنموذج من تقدّم الخليفة في علم التفسير على قلّة ما روي عنه في ذلك. قال الحافظ جلال الدين السيوطي في الإتقان (١) (٢ / ٣٢٨) :
اشتهر بالتفسير من الصحابة عشرة : الخلفاء الأربعة ، وابن مسعود ، وابن عبّاس ، وأُبيّ بن كعب ، وزيد بن ثابت ، وأبو موسى الأشعري ، وعبد الله بن الزبير. أمّا الخلفاء فأكثر من روي عنه منهم عليّ بن أبي طالب ، والرواية عن الثلاثة نزرة جدّا ، وكان السبب في ذلك تقدّم وفاتهم ، كما أنّ ذلك هو السبب في قلّة رواية أبي بكر رضى الله عنه للحديث ، ولا أحفظ عن أبي بكر رضى الله عنه في التفسير إلاّ آثاراً قليلة جدّا لا تكاد تجاوز العشرة.
وأمّا عليّ فروي عنه الكثير ، وقد روى معمر ، عن وهب بن عبد الله ، عن أبي الطفيل قال : شهدت عليّا يخطب وهو يقول : «سلوني فو الله لا تسألون عن شيء إلاّ أخبرتكم ، وسلوني عن كتاب الله ، فو الله ما من آية إلاّ وأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار ، أم في سهل أم في جبل».
وأخرج أبو نعيم في الحلية (٢) عن ابن مسعود قال : إنّ القرآن أُنزل على سبعة أحرف ما منها حرف إلاّ وله ظهر وبطن ، وإنّ عليّ بن أبي طالب عنده منه الظاهر والباطن.
وأخرج (٣) أيضاً من طريق أبي بكر بن عيّاش ، عن نصير بن سليمان الأحمسي ، عن أبيه ، عن عليّ قال : «والله ما نزلت آية إلاّ وقد علمت فيم أُنزلت وأين أُنزلت ، إنّ ربّي وهب لي قلباً عقولاً ولساناً سؤولاً».
قال الأميني : ما هذا التهافت في كلام السيوطي هذا؟ ألا مسائل الرجل عن أنّ
__________________
(١) الإتقان في علوم القرآن : ٤ / ٢٠٤.
(٢) حلية الأولياء : ١ / ٦٥.
(٣) حلية الأولياء : ١ / ٦٧ ـ ٦٨.