والطيرُ في الأغصانِ ناحَ مغرّداً |
|
والوحشُ في القيعانِ ناحَ وأعولا |
وأتى الجوادُ ولا جوادٌ فوقَهُ |
|
متوجّعاً متفجِّعاً متوجّلا |
عالي الصهيل بمقلةٍ إنسانُها |
|
باكٍ يسحّ الدمعَ نقطاً مهملا |
فسمعن نسوانُ الحسينِ صهيلَهُ |
|
فبرزن من خَلَلِ المضاربِ ثكّلا |
ينثون من جَون العيون مدامعاً |
|
حمراً على بيض السوالف هُطّلا (١) |
حتى إذا قُتِلَ الحسينُ وأصبحتْ |
|
من بعدِهِ غرُّ المدارسِ عُطّلا |
ومنازلُ التنزيلِ حلَّ بها العزا |
|
ومِن الجليسِ أنيسُ مربعِها خلا |
بغتِ البغاةُ جهالةً سبيَ النسا |
|
وبغت وحقَّ لمن بغى أن يجهلا |
نصبوا بمرفوع القناة كريمةً (٢) |
|
جهراً وجرّوا للمعاصي أذيُلا |
وسروا بنسوته السراةُ بلا ملا |
|
حسرى يلاحظهنّ ألحاظُ الملا |
وغدوا بزينِ العابدين الساجدِ |
|
الحبرِ الأمينِ مقيّداً ومغلّلا |
وسكينةٌ أمستْ وساكنُ قلبِها |
|
متحرّكٌ فيه الأسى لن يرحلا |
وبدالِ دمعِ العينِ منها غرّقتْ |
|
صاد الصعيدِ وأنبتت كاف الكلا |
وديارُهنَّ الآنساتُ بلاقعٌ |
|
أقوتْ (٣) وكنّ بها الأحبّة نزّلا |
والصبر عنِّي ظاعنٌ مترحّلٌ |
|
لمّا شددن على المطيّ الأرحلا |
ومدامعي فوق الخدودِ نوازلٌ |
|
لمّا زممن جمالهنَّ البزَّلا (٤) |
تسري بهنّ إلى الشآمِ عصابةٌ |
|
أمويّةٌ تبغي العطاءَ الأجزلا |
تُرضي يزيد لكي يزيد لها العطا |
|
جهلاً ويتحفها السؤال معجّلا |
__________________
(١) ينثون من نثا نثواً : فرق ونشر. الجون : الأبيض. الأسود ، السوالف : جمع السالفة صفحة العنق ، وسالفة الفرس : ما تقدم من عنقه. هطل المطر : نزل متتابعاً متفرّقاً عظيم القطر فهو هاطل والجمع هطّل. (المؤلف)
(٢) الكريمة : كلّ جارحة شريفة. (المؤلف)
(٣) أقوت الدار : خلت من ساكنيها. (المؤلف)
(٤) زمم الجمال : خطمها. بزل البعير : انشق نابه : فهو بازل والجمع بوازل وبزل. (المؤلف)