بحديث مختلق في فضيلة مولانا أمير المؤمنين وأبي بكر وجعل هذه الرواية في فضل أبي بكر عن لسان عليّ عليهالسلام ، قال : روى أبو هريرة : أنّ أبا بكر الصدّيق وعليّ بن أبي طالب قدما يوماً إلى حجرة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : عليّ لأبي بكر : تقدّم فكن أوّل قارع يقرع الباب وألحّ عليه ، فقال أبو بكر : تقدّم أنت يا عليّ ، فقال عليّ : ما كنت بالذي يتقدّم على رجل سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول في حقّه : ما طلعت الشمس ولا غربت من بعدي على رجل أفضل من أبي بكر الصدّيق. فقال أبو بكر : ما كنت بالذي يتقدّم على رجل قال في حقّه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أعطيت خير النساء لخير الرجال. إلى آخره. وفيه مناقب ستّ لأبي بكر ، على لسان عليّ وكذلك لعليّ على لسان أبي بكر لم يذكر السيوطي شيئاً منها في عدّ أحاديث أبي بكر مع اهتمامه بإكثار عددها وذلك لبداهة الكذب فيه ، وركّة لفظه ، ووضوح الاختلاق في معانيه وألفاظه ، وظهور التهافت بين جمله كما ترى. نعم لكلّ من الوضّاعين في وضع الحديث ذوق ، ولكلّ واحد منهم طريقة وسليقة ، وليس أمرهم سُلكى (١).
أمّا الحديث الثالث :
فمن المنكر الواضح وهو لِدة ما سبق عن عمر في الجزء السادس صفحة (١٦٢) من قوله : إنّ الميّت يعذّب ببكاء الحيِّ. وقد أنكرته عليه عائشة ، وهو مخالف للكتاب المجيد حيث يقول : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) (٢) ، وأمثالها ، وقد فصّلنا القول فيه تفصيلاً في الجزء السابق فراجع (ص ١٥٩ ـ ١٦٧).
ومخالف للعدل ؛ فإنّ تعذيب أيّ أحد لما اجترحه غيره من سيّئة ـ بعد تسليم كون البكاء عليه سيّئة ـ يرفضه ناموس العدل الإلهي ، وتلفظه العقول السليمة ، ويتوجّه إلى قائله اللوم من كلّ ذي مسكة ، تعالى الله عمّا يقولون علوّا كبيراً.
__________________
(١) يقال : أمرهم سُلْكى أي على طريقة واحدة.
(٢) الأنعام : ١٦٤.