الرجل إلاّ لذلك السفاح ، وكان أمراً مشهوداً وسرّا غير مستسرّ ، وكان يعلمه نفس مالك ويخبر زوجته بذلك قبل وقوع الواقعة بقوله إيّاها : أقْتَلْتِني. فقُتل الرجل مظلوماً غيرةً ومحاماةً على ناموسه. وفي المتواتر : «من قتل دون أهله فهو شهيد» (١). وفي الصحيحة : «من قتل دون مظلمته فهو شهيد» (٢).
والعذر المفتعل من منع مالك الزكاة لا يُبرّئ خالداً من تلكم الجنايات ، أيصدّق جحد الرجل فرض الزكاة ومكابرته عليها وهو مؤمن بالله وكتابه ورسوله ومصدّق بما جاء به نبيّه الأقدس ، يقيم الصلاة ويأتي بالفرائض بأذانها وإقامتها ، وينادي بأعلى صوته : نحن المسلمون ، وقد استعمله النبيّ الأعظم على الصدقات ردحاً من الزمن؟ لاها الله.
أيوجب الردّة مجرّد امتناع الرجل المسلم الموحّد المؤمن بالله وكتابه عن أداء الزكاة لهذا الإنسان بخصوصه وهو غير منكر أصل الفريضة؟ أو يُحكم عليه بالقتل عندئذٍ؟ وقد صحّ عن المشرّع الأعظم قوله : «لا يحلّ دم رجل يشهد أن لا إله إلاّ الله ، وأنّي رسول الله ، إلاّ بإحدى ثلاثة : النفس بالنفس ، والثيّب الزاني ، والتارك لدينه المفارق للجماعة» (٣).
__________________
(١) مسند أحمد : ١ / ١٩١ [ ١ / ٣١١ ح ١٦٥٥ ] ، نصّ على تواتره المناوي في الفيض القدير : ٦ / ١٩٥ [ ح ٨٩١٧ ]. (المؤلف)
(٢) أخرجه النسائي [ في السنن الكبرى : ٢ / ٣١١ ح ٣٥٥٩ ] ، والضياء المقدسي كما في الجامع الصغير [ ٢ / ٦٣١ ح ٨٩١٨ ] وصحّحه السيوطي ، راجع الفيض القدير : ٦ / ١٩٥ [ ح ٨٩١٨ ]. (المؤلف)
(٣) صحيح البخاري : ١٠ / ٦٣ [ ٦ / ٢٥٢١ ] كتاب الديات ، باب : قول الله تعالى (إنّ النَّفْسَ بالنَّفْسِ) ، صحيح مسلم : ٢ / ٣٧ [ ٣ / ٥٠٦ ح ٢٥ كتاب القسامة والمحاربين ] ، الديات لابن أبي عاصم الضحاك : ص ١٠ ، سنن أبي داود : ٢ / ٢١٩ [ ٤ / ١٢٦ ح ٤٣٥٢ ] ، سنن ابن ماجة : ٢ / ١١٠ [ ٢ / ٨٤٧ ح ٢٥٣٤ ] ، مصابيح السنّة : ٢ / ٥٠ [ ٢ / ٥٠٢ ح ٢٥٨٤ ] ، مشكاة المصابيح : ص ٢٩١ [ ٢ / ٢٨٥ ح ٣٤٤٦ ]. (المؤلف)