مالك؟ وأمر خالداً بطلاق امرأة مالك كما في الإصابة (١ / ٤١٥).
دع هذه كلّها ولا أقلّ من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وتوبيخ الرجل وعتابه على تلكم الجرائم ، وأقلّ الإنكار كما قال أمير المؤمنين عليهالسلام : «أن تلقى أهل المعاصي بوجوه مكفهرّة».
ما للخليفة يتلعثم ويتلعذم في الدفاع عن خالد وجناياته؟ فيرى تارة أنّه تأوّل وأخطأ ، ويعتذر أُخرى بأنّه سيف من سيوف الله ، وينهى عمر بن الخطّاب عن الوقيعة فيه ، ويأمره بالكفّ عنه وصرف اللسان عن مغايظته ، ويغضب على أبي قتادة لإنكاره على خالد كما في شرح ابن أبي الحديد (١) (٤ / ١٨٧).
ونحن نقتصر في البحث عن هذا الجانب على توجيه القارئ إليه ، ولم نذهب به قصاه ، ولم نبتغ فيه مداه ، إذ لم نر حداً تخفى عليه حزازة أيّ من العذرين ، هلاّ يعلم متشرّع في الإسلام أنّ تلكم الطامّات والجرائم الخطيرة لا يتطرّق إليها التأوّل والاجتهاد؟ ولا يسوغ لكلّ فاعل تارك أن يتترّس بأمثالهما في معرّاته ، ويتدرّع بها في أحناته ، ولا تُدرأ بها الحدود ، ولا تطلّ بها الدماء ، ولا تحلّ بها حرمات الحرائر ؛ ولا يرفض بها حكم الله في الأنفس والأعراض والأموال ، ولم يُصخ الحاكم لمدّعيها كما ادّعى قدامة بن مظعون في شربه الخمر بأنّه تأوّل واجتهد فأقام عمر عليه الحدّ وجلده ولم يقبل منه العذر. كما في سنن البيهقي (٨ / ٣١٦) وغيره.
وأخرج ابن أبي شيبة (٢) وابن المنذر عن محارب بن دثار : أنّ ناساً من أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم شربوا الخمر بالشام وقالوا : شربنا لقول الله (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ
__________________
(١) شرح نهج البلاغة : ١٧ / ٢١٣ كتاب ٦٢.
(٢) المصنّف في الأحاديث والآثار : ٩ / ٥٤٦ ح ٨٤٥٨.