ما قيمة هذه الرواية تجاه تلكم الصحاح؟ ولا يوجد لها أثر في أيّ أصل من أصول الحديث ومسانيد الحفّاظ ، وقد بلغت إلى الأوزاعي المتوفّى (١٥٧) وأرسل بها الشعبي المتوفّى (١٠٤ ، ١٠٧ ، ١٠٩ ، ١١٠) ولا يعرف من بلّغها ، ومن أتى بها ، ومن أوحاها إلى الرجلين.
نعم ؛ تساعد نصوص الصحاح ما أتى به ابن قتيبة والجاحظ ؛ قال الأوّل : إنّ عمر قال لأبي بكر : انطلق بنا إلى فاطمة ، فإنّا قد أغضبناها ، فانطلقا جميعاً فاستأذنا على فاطمة فلم تأذن لهما فأتيا عليّا فكلّماه ، فأدخلهما عليها ، فلمّا قعدا عندها حوّلت وجهها إلى الحائط ، فسلّما عليها ، فلم تردّ عليهماالسلام ، فتكلّم أبو بكر فقال : يا حبيبة رسول الله والله إنّ قرابة رسول الله أحبّ إليّ من قرابتي ، وإنّكِ لأحبّ إليّ من عائشة ابنتي ، ولوددت يوم مات أبوكِ أنّي متّ ولا أبقى بعده ، أفتُراني أعرفكِ وأعرف فضلكِ وشرفكِ وامنعكِ حقّكِ وميراثكِ من رسول الله؟ إلاّ أنّي سمعت أباك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : لا نُورَث ، ما تركنا فهو صدقة. فقالت : «أرأيتكما إن حدّثتكما حديثاً عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم تعرفانه وتفعلان به؟» فقالا : نعم : فقالت : «نشدتكما الله ألم تسمعا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : رضا فاطمة من رضاي ، وسخط فاطمة من سخطي ، فمن أحبّ فاطمة ابنتي فقد أحبّني ، ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني ، ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني؟» قالا : نعم سمعناه من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. قالت : «فإنّي أُشهدُ الله وملائكته أنّكما أسخطتماني وما أرضيتماني ، ولئن لقيت النبيّ لأشكونّكما إليه». فقال أبو بكر : أنا عائذ بالله تعالى من سخطه وسخطك يا فاطمة. ثمّ انتحب أبو بكر يبكي حتى كادت نفسه أن تزهق ، وهي تقول : «والله لأدعونّ عليك في كلّ صلاة أُصلّيها» ، ثمّ خرج باكياً فاجتمع الناس إليه ، فقال لهم : يبيت كلّ رجل [ منكم ] (١) معانقاً حليلته مسروراً بأهله وتركتموني وما أنا
__________________
(١) ما بين المعقوفين أثبتاه من المصدر.