وذكره (١) الرازي في تفسيره (٥ / ٣٧٨) ، والحلبي في السيرة النبويّة (٣ / ٣٩٤) ، والديار بكري في تاريخ الخميس (٢ / ٢٦٤) ، والقرماني في أخبار الدول هامش الكامل (١ / ٢٠٠) ، والصفوري في نزهة المجالس (٢ / ١٩٨).
قال الأميني : أراد رواة هذه الرواية تصحيح عمل القوم في دفن الخليفة في موطن القداسة حجرة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد أن أعيتهم المشكلة وعجزوا عن الجواب ، فإنّ الحجرة الشريفة إمّا أن تكون باقية على ملكه صلىاللهعليهوآلهوسلم كما هو الحقّ المبين. أو أنّها عادت صدقة يؤول أمرها إلى المسلمين أجمع؟ وعلى الأوّل كان يشترط فيه رضاء أولاد وارثته الوحيدة السبطين الإمامين وأخواتهما ولم يستأذن منهم أحد. وعلى الثاني كان يجب على الخليفة أو على من تولّى الأمر بعده أن يستأذن الجامعة الإسلاميّة ولم يكن من أيّ منهما شيء من ذلك ، فبقي الدفن هنالك خارجاً عن ناموس الشريعة. وإن قيل : إنّه دفن بحقّ ابنته ، فأيّ حق لها بعد ما جاء به أبوها من قوله : إنّا معاشر الأنبياء لا نُورَث ما تركناه صدقة؟ على أنّا أسلفنا في الجزء السادس (ص ١٩٠) : أنّه لم يكن لأمّهات المؤمنين إلاّ السكنى في حجرهنّ كالمعتدّة ولم يكن لهنّ ترتيب آثار الملك على شيء منها. وقدّمنا هنالك أيضاً أنّ على فرض الميراث وعلى تقدير الإرث من العقار فإنّ لعائشة تسع الثمن من حجرتها لأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم توفّي عن تسع ، ومساحة المحلّ لا يسع تسع ثمنها جثمان إنسان مهما كبرت الحجرة ، على أنّ حقّها كان مشاعاً وليس لها التصرّف فيه بغير إذن شريكاتها في الميراث.
أراد القوم التفصّي عن هذه المشكلات فكوّنوا ما يستتبع مشكلةً بعد مشكلة وهي : أنّ الخليفة هل قال ما قاله بعهد من النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أو أنّه أحاط علماً بالمغيّب؟ أمّا الثاني فلا أحسب أحداً يدّعي له ذلك بعد ما أحطنا خُبراً بكلّ ما قيل في فضائله ،
__________________
(١) التفسير الكبير : ٢١ / ٨٧ ، السيرة الحلبيّة : ٣ / ٣٦٥ ، تاريخ الخميس : ٢ / ٢٣٧ ، أخبار الدول : ١ / ٢٨٣.