منير (١) خرج جماعة من شبّان حلب يتفرّجون ، فقال بعضهم لبعض : قد سمعنا أنّه لا يموت أحد ممّن كان يسبّ أبا بكر وعمر إلاّ ويمسخه الله تعالى في قبره خنزيراً ، ولا شكّ أنّ ابن منير كان يسبّهما ، فأجمعوا رأيهم على المضيّ إلى قبره ، فمضوا ونبشوه ، فوجدوا صورته خنزيراً ووجهه منحرفاً عن جهة القبلة إلى جهة الشمال ، فأخرجوه على قبره ليشاهده الناس ، ثمّ بدا لهم أن يحرقوه فأحرقوه بالنار وأعادوه في قبره وردّوا عليه التراب وانصرفوا.
وذكره العلاّمة الجرداني في مصباح الظلام (٢) المؤلّف سنّة (١٣٠١) والمطبوع بمصر سنة (١٣٤٧) وقرّظه جمع من الأعلام ألا وهم كما في آخر الكتاب : العالم العفيف السيّد محمود أنسي الشافعي الدمياطي ، والعلاّمة الشيخ محمد جودة ، والعلاّمة الأوحد الشيخ محمد الحمامصي ، وحضرة الفاضل اللبيب الشيخ عطية محمود قطارية ، والعالم العامل الشيخ محمد القاضي ، وحضرة الشاعر اللبيب محمد أفندي نجل العلاّمة الشيخ محمد النشّار.
ليست هذه النفثات إلاّ كتيت (٣) الإحن ، ونغران (٤) الشحناء. وإن شئت قلت : إنّها سكرة الحبّ ، وسرَف المغالاة. قد أعمت الأهواء بصائر أولئك الرجال فجاؤوا بهذه المخاريق المخزية ، والأفائك المزخرفة ، بيّتوها غير مكترثين لمغبّة صنيعهم ، ولا متحاشين عن معرّة قيلهم ، وشتّان بينها وبين أدب الدين ، أدب العلم ، أدب التأليف ، أدب العفّة ، أدب الدعاية والنشر : (وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً) (٥)
__________________
(١) أحد شعراء الغدير ، مرّت ترجمته في الجزء الرابع : ص ٣٢٦ ـ ٣٣٧ مات في دمشق ثمّ نقل إلى حلب فدفن بها. (المؤلف)
(٢) مصباح الظلام : ٢ / ٥٧ ح ٣٦٢.
(٣) الكتيت : صوت غليان القدر والنبيذ ونحوهما. (المؤلف)
(٤) نغر الرجل على فلان نغراً ونغراناً : غلا جوفه عليه غضباً. (المؤلف)
(٥) المجادلة : ٢.