زواج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من خديجة. أمّا اختلافه بينه صلىاللهعليهوآلهوسلم وبين خديجة فلم ينبّئ عنه قطّ خبير. وليس من الجائز أن يكون الوسيط في قران رجل عظيم كمحمد وامرأة من بيت مجد وسؤدد ورئاسة كخديجة ، شابّ حدث ابن اثنتين وعشرين سنة وللزوج أعمام أشراف أعاظم كالعبّاس وحمزة وأبي طالب وهو بينهم وفي بيتهم ، وكان عمّه أبو طالب كما يأتي يحبّه حبّا شديداً لا يحبّ أولاده مثله ، وكان لا ينام إلاّ إلى جنبه ، ويخرجه معه حين يخرج (١) وكان هو الذي كلّم خديجة حتى وكّلت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بتجارتها ، كما في الامتاع للمقريزي (ص ٨).
والذي جاء في السير والتاريخ في أمر هذا القِران أنّ خديجة بعثت إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ورغبت في زواجه لقرابته وأمانته وحسن خلقه وصدق حديثه ، وعرضت نفسها عليه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فذكر ذلك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لأعمامه فخرج معه عمّه حمزة وفي لفظ ابن الأثير : خرج معه حمزة وأبو طالب وغيرهما من عمومته. حتى دخل على خويلد بن أسد ، أو على عمرو بن أسد عمّ خديجة فخطبها إليه فتزوّجها عليه وآله الصلاة والسلام ، وخطب أبو طالب عليهالسلام خطبة النكاح ، فقال :
الحمد لله الذي جعلنا من ذريّة إبراهيم ، وزرع إسماعيل ، وضئضئ (٢) معد ، وعنصر مضر ، وجعلنا حضنة بيته ، وسوّاس حرمه ، وجعل لنا بيتاً محجوجاً ، وحرماً آمناً ، وجعلنا الحكّام على الناس ، ثمّ إنّ ابن أخي هذا محمد بن عبد الله لا يوزن برجل إلاّ رجح به شرفاً ونبلاً وفضلاً وعقلاً ، فإن كان في المال قلّ فإنّ المال ظلّ زائل ، وأمر حائل ، ومحمد من قد عرفتم قرابته ، وقد خطب خديجة بنت خويلد ، وبذل لها من الصداق ما آجله وعاجله من مالي كذا ، وهو والله بعد هذا له نبأ عظيم ، وخطر جليل. فزوّجها.
__________________
(١) يأتي تفصيل ذلك في الكلام عن أبي طالب عليهالسلام. (المؤلف)
(٢) الضئضئ : الأصل والمعدن.