طالب لا ذاك ولا غيره؟ وأبو موسى لم يستثنِ أبا طالب من أولئك الذين بايعوا يوم ذاك نظراء أبي بكر وبلال الخيالي.
قال الحافظ الدمياطي : في هذا الحديث وهمان : الأوّل : قوله : فبايعوه وأقاموا معه. والثاني : قوله : وبعث معه أبو بكر بلالاً ، ولم يكونا معه ، ولم يكن بلال أسلم ولا ملكه أبو بكر ، بل كان أبو بكر حينئذ لم يبلغ عشر سنين ، ولم يملك أبو بكر بلالاً إلاّ بعد ذلك بأكثر من ثلاثين سنة. وكذا ضعّفه الذهبي (١).
وقال الزركشي في الإجابة (ص ٥٠) : هذا من الأوهام الظاهرة لأنّ بلالاً إنّما اشتراه أبو بكر بعد مبعث النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وبعد أن أسلم بلال وعذّبه قومه ، ولمّا خرج النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى الشام مع عمّه أبي طالب كان له من العمر اثنتا عشرة سنة وشهران وأيّام ، ولعلّ بلالاً لم يكن بعدُ ولد.
وقال ابن كثير في تاريخه (٢) (٢ / ٢٨٥) : إنّ قوله : وبعث أبو بكر معه بلالاً إن كان عمره عليه الصلاة والسلام إذ ذاك اثنتي عشرة سنة فقد كان عمر أبي بكر إذ ذاك تسع سنين أو عشراً ، وعمر بلال أقلّ من ذلك ، فأين كان أبو بكر إذ ذاك؟ ثمّ أين كان بلال؟ كلاهما غريب ، اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ هذا كان ورسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كبير ، إمّا بأن يكون سفره بعد هذا ، أو إن كان القول بأنّ عمره كان إذ ذاك اثنتي عشرة سنة غير محفوظ ، (٣) فإنّه إنّما ذكره مقيّداً بهذا الواقدي ، وحكى السهيلي عن بعضهم أنّه كان عمره عليه الصلاة والسلام إذ ذاك تسع سنين ، والله أعلم.
قال الأميني : إنّ ابن كثير غضّ البصر عمّا في الرواية من خرافة البيعة كأن لم
__________________
(١) حياة الحيوان للدميري : ٢ / ٢٧٥ [ ٢ / ٢٤٦ ] ، تاريخ الخميس : ١ / ٢٩٢ [ ١ / ٢٥٨ ] ، [ وضعّفه الذهبي في تاريخ الإسلام : ٥٥ ـ ٥٧ ]. (المؤلف)
(٢) البداية والنهاية : ٢ / ٣٤٨.
(٣) أي غير مذكور في كتب التاريخ.