وقال ابن أبي الحديد في شرحه (١) (١ / ٣٦٢) : روى جماعة من أهل السير أنّ عليّا كان يقول في كعب الأحبار : «إنّه الكذّاب» وكان كعب منحرفاً عن عليّ عليهالسلام.
وأخرج ابن أبي خيثمة ، بإسناد حسّنه ابن حجر ، عن قتادة قال : بلغ حذيفة أنّ كعباً يقول : إنّ السماء تدور على قطب كالرحى. فقال : كذب كعب ، إنّ الله يقول : (إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا) (٢).
على أنّ كعباً لو كان يصدّق نفسه فيما أخبره من الإرهاصات والبشائر لما كان يبقى على دين اليهود طيلة حياة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وما كان يؤخّر إسلامه إلى عهد عمر بن الخطّاب ، ولما كان يتعلّل عندما سُئل عمّا منعه عن إسلامه في العهد النبويّ بقوله : إنّ أبي كان كتب لي كتاباً من التوراة فقال : اعمل بهذا ، وختم على سائر كتبه ، وأخذ عليّ بحقّ الوالد على الولد أن لا أفضّ الختم عنها. فلمّا رأيت ظهور الإسلام قلت : لعلّ أبي غيّب عنّي علماً ، ففتحتها فإذا صفة محمد وأمّته ، فجئت الآن مسلماً (٣). وكان له يوم توفّي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم اثنان وثمانون عاماً (٤) ، وأثر الكذب لائح في جلّ ما جاء به كعب ، وحسبه ما أخرجه ابن عساكر في تاريخه (٥) (٥ / ٢٦٠) من حديث ذي قربات الذي حكم الحفّاظ بعدم صحّته ، وما جاء به السيوطي في الخصائص الكبرى (٦) (١ / ٣١) من حديث إخباره عمر وعثمان بأنّهما مذكوران بالخلافة في التوراة ، وفيها أنّ
__________________
(١) شرح نهج البلاغة : ٤ / ٧٧ خطبة ٥٦.
(٢) الإصابة : ٣ / ٣١٦ [ رقم ٧٤٩٦ ]. (المؤلف)
(٣) الإصابة : ٣ / ٣١٦ [ رقم ٧٤٩٦ ]. (المؤلف)
(٤) راجع الإصابة : [ ٣ / ٣١٦ رقم ٧٤٩٦ ] ، أُسد الغابة : [ ٤ / ٤٨٧ رقم ٤٤٧٧ ] ، تهذيب التهذيب [ ٨ / ٣٩٣ ]. (المؤلف)
(٥) تاريخ مدينة دمشق : ١٧ / ٣٦٥ رقم ٢١٠٨ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ٢١ / ١٨١.
(٦) الخصائص الكبرى : ١ / ٥٤.