عثمان يُقتل مظلوماً. ومع هذه كلّها لم يُعلم صدور هذه البشارة منه في أيّام إسلامه ، ولعلّه كان قبله فلا يُقبل قوله ولا يصدّق في حديثه.
على أنّ الأحلام إن صحّت وصدقت فلم لم يحدّث أبو بكر أحداً من الصحابة بما أخبره بحيرا من البشارة في نفسه من أنّه يكون وزيراً وخليفة لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى يدور حديثه في دور النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم على ألسنتهم ، وتخبت إليه أفئدتهم ، وتزهر بمذاكرته أنديتهم؟ أو أنّه حدّث بها لكن الصحابة ضربوا عنها صفحاً فلم تُنْهَ إلى المحدّثين ، ولا انتهت إلى أحد من أرباب الصحاح والمسانيد حتى انتهت النوبة إلى الغلاة في الفضائل من المتأخّرين فأرسلوها إرسال المسلّم تجاه الحقائق الراهنة.
ولو كان أبو بكر أوّل من أسلم بتلكم التقاريب فأين كان هو إلى منتهى سبع سنين من البعثة التي يقول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فيها : «لقد صلّت الملائكة عليّ وعلى عليّ سبع سنين ، لأنّا كنّا نصلّي وليس معنا أحد يصلّي غيرنا» (١)؟
في أوّليّة أمير المؤمنين في الإسلام أحاديث صحيحة عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم وعن مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام قدّمناها في الجزء الثالث ، وأسلفنا هناك ما يربو على ستّين حديثاً من الصحابة والتابعين في أنّ عليّا أوّل الناس إسلاماً وأوّل من صلّى وآمن من ذَكر. وقد مرّت هناك صحيحة الطبري أنّ أبا بكر أسلم بعد أكثر من خمسين رجلاً ، ولو كان أبو بكر أوّل من أسلم وقد آمن به صلىاللهعليهوآلهوسلم قبل ولادة عليّ عليهالسلام فأين كان هو يوم قال العبّاس لعبد الله بن مسعود : ما على وجه الأرض أحد يعبد الله بهذا الدين إلاّ هؤلاء الثلاثة : محمد وعليّ وخديجة؟ تاريخ ابن عساكر (٢) (١ / ٣١٨).
فلا يحق آنئذ لأيّ مُغالٍ في الفضائل أن يدع تلكم الصحاح عن النبيّ الأعظم ووصيّه الأقدس والصحابة الأوّلين والتابعين لهم بإحسان ، ويأخذ تجاهها برواية
__________________
(١) راجع الجزء الثالث من كتابنا هذا : ص ٢٢٠ ـ ٢٢٤. (المؤلف)
(٢) تاريخ مدينة دمشق : ٣ / ٢٦٦ مختصر تاريخ دمشق : ٢ / ٦٨.