يخوضون تيّارَ الحِمام ظوامياً |
|
وبحرُ المنايا بالمنايا لها مدُّ |
يرون المنايا نيلُها غايةُ المنى |
|
إذا استشهدوا مُرُّ الردى عندهم شَهدُ |
إذا فُلّلتْ أسيافُهمْ في كريهةٍ |
|
غدا في رءوسِ الدارعين لها حَدُّ |
فمن أبيضٍ يلقى الأعادي بأبيضٍ |
|
ومن أسمرٍ في كفّه أسمرٌ صلدُ |
يذبّون عن سبط النبي محمدٍ |
|
وقد ثارَ عالي النقعِ واصطخب الوقدُ |
يُخال بَريقُ البيضِ برقاً سجالُه ال |
|
دماءُ وأصواتُ الكماةِ لها رعدُ |
إلى أن تدانى العمرُ واقترب الردى |
|
وشأنُ الليالي لا يدومُ لها عهدُ |
أعدّوا نفوساً للفناء وما اعتدوا |
|
فطوبى لهم نالوا البقاءَ بما عَدّوا |
أحلّوا جسوماً للمواضي وأحرموا |
|
فحلّوا جنانَ الخلدِ فيها لهم خلدُ |
أمامَ الإمامِ السبطِ جادوا بأنفسٍ |
|
بها دونه جادوا وفي نصرِهِ جدّوا |
شروا عندما باعوا نفوساً نفائساً |
|
ففي هجرِها وصلٌ وفي وصلِها نقدُ |
قضوا إذ قضوا حقَّ الحسينِ وفارقوا |
|
وما فرّقوا بل وافقوا السعدَ يا سعدُ |
فلمّا رأى المولى الحسينُ رجالَه |
|
وفتيانَه صرعى وشادي الردى يشدو |
غدا طالباً للموتِ كالليثِ مغضباً |
|
يُحامي عن الأشبالِ يشتدُّ إن شدّوا |
وإن جمعوا سبعين ألفاً لقتلِه |
|
فيحملُ فيهم وهو بينهمُ فردُ |
إذا كرَّ فرّوا من جريحٍ وواقعٍ |
|
ذبيحٍ ومهزومٍ به طوّح الهدُّ (١) |
ينادي ألا يا عصبةً عصت الهدى |
|
وخانت فلم يُرعَ الذمامُ ولا العهدُ |
فبعداً لكم يا شيعةَ الغدرِ إنَّكمْ |
|
كفرتم فلا قلبٌ يلين ولا وُدُّ |
ولايتنا فرضٌ على كلِّ مسلمٍ |
|
وعصيانُنا كفرٌ وطاعتنا رشدُ |
فهل خائفٌ يرجو النجاةَ بنصرنا |
|
ويخشى إذا اشتدّت سعيرٌ لها وَقدُ |
ويرنو لنحوِ الماء يشتاقُ وردَه |
|
إذا ما مضى يبغي الورودَ له رَدُّ |
فيحملُ فيهم حملةً علويّةً |
|
بها للعوالي في أعالي العدى قصدُ |
__________________
(١) طوّح به : حمله على ركوب المهالك وقذفه. الهدّ : الكسر ، الصوت الغليظ. (المؤلف)