كفعلِ أبيه حيدرٍ يومَ خيبرٍ |
|
كذلك في بدرٍ ومن بعدِها أُحدُ |
إذا ما هوى في لبّةِ الليثِ عضبُه |
|
فمن نحرِه بحرٌ ومن جزرِه مَدُّ |
وعادَ إلى أطفالهِ وعياله |
|
وغربُ المنايا لا يُفلُّ لها حَدُّ (١) |
يقول عليكنَّ السلام مودِّعاً |
|
فها قد تناهى العمر واقترب الوعدُ |
ألا فاسمعي يا أُخت إن مسّني الردى |
|
فلا تلطمي وجهاً ولا يُخمش الخدُّ |
وإن برحت فيك الخطوبُ بمصرعي |
|
وجلَّ لديك الحزنُ والثكلُ والفقدُ |
فأرضي بما يرضى إلهكِ واصبري |
|
فما ضاع أجرُ الصابرين ولا الوعدُ |
وأوصيكِ بالسجّاد خيراً فإنَّه |
|
إمامُ الهدى بعدي له الأمرُ والعهدُ |
فضجَّ عيالُ المصطفى وتعلّقوا |
|
به واستغاثَ الأهلُ بالندبِ والولدُ |
فقالَ وكربُ الموتِ يعلو كأنَّه |
|
ركامٌ ومن عظمِ الظما انقطع الجهدُ (٢) |
ألا قد دنا الترحالُ فاللهُ حسبُكمْ |
|
وخيرُ حسيبٍ للورى الصمَدُ الفردُ |
وعاد إلى حربِ الطغاةِ مجاهداً |
|
وللبيضِ والخرصانِ في قَدِّه قَدُّ |
إلى أن غدا مُلقىً على الترب عارياً |
|
يُصافح منه إذ ثوى للثرى خدُّ |
وشمّر شِمرُ الذيلَ في حزّ رأسه |
|
ألا قُطعتْ منه الأناملُ والزندُ |
فوا حزنَ قلبي للكريمِ علا على |
|
سِنانِ سنانٍ والخيولُ لها وَخدُ (٣) |
تزلزلت السبعُ الطباقُ لفقدِهِ |
|
وكادت لهُ شمُّ الشماريخِ تنهدُّ (٤) |
__________________
(١) الغرب يوصف به السيف أي قاطع حديد. المنايا جمع المنية : الموت. الفلّ : الثلمة في حدّ السيف. الحدّ من السيف : مقطعه. (المؤلف)
(٢) الركام : المتراكم بعضه فوق بعض. الجهد : الطاقة. (المؤلف)
(٣) الوخد من وخد البعير : أي أسرع وصار يرمي بقوائمه كالنعام. وهذا البيت في نسخة :
فوا لهفَ نفسي للمحيا علا على |
|
سنانِ سنانٍ والخيولُ به تعدو |
(المؤلف)
(٤) الشمراخ : رأس الجبل. تنهدّ : تقع وتنهدم. الأوصاب جمع الوصب : المرض والوجع الدائم ونحول الجسم. (المؤلف)