وأرجف عرشُ اللهِ من ذاك خيفةً |
|
وضجّت له الأملاكُ وانفجرَ الصلدُ |
وناحت عليه الطيرُ والوحشُ وحشةً |
|
وللجنِّ إذ جنَّ الظلامُ به وَجدُ |
وشمسُ الضحى أمستْ عليه عليلةً |
|
علاها اصفرارٌ إذ تروحُ وإذ تغدو |
فيا لك مقتولاً بكته السما دماً |
|
وثُلّ سريرُ العزِّ وانهدمَ المجدُ |
شهيداً غريباً نازحَ الدارِ ظامياً |
|
ذبيحاً ومن قاني الوريدِ له وردُ |
بروحي قتيلاً غسله من دمائِهِ |
|
سليباً ومن سافي الرياح له بُردُ |
ترضُّ خيولُ الشركِ بالحقدِ صدرَه |
|
وترضخ منه الجسم في ركضها جردُ (١) |
ومذ راحَ لمّا راحَ للأهلِ مهرُه |
|
خليّا يخدُّ الأرضَ بالوجهِ إذ يعدو |
برزن حيارى نادباتٍ بذلّةٍ |
|
وقلبٍ غدا من فارطِ الحزن ينقدُّ |
فحاسرةٌ بالردنِ تستر وجهَها |
|
وبرقعُها وَقدٌ ومدمعُها رفدُ |
ومن ذاهلٍ لم تدرِ أين مُعزُّها |
|
تضيقُ عليها الأرضُ والطرقُ تنسدُّ |
وزينب حسرى تندبُ الندبَ عندها |
|
من الحزنِ أوصابٌ يضيق بها العدُّ |
تنادي أخي يا واحدي وذخيرتي |
|
وعوني وغوثي والمؤمّلُ والقصدُ |
ربيعَ اليتامى يا حسينُ وكافلُ ال |
|
أيامى رمانا بعد بُعدكم البعدُ |
أخي بعد ذاك الصونِ والخدرِ والخبا |
|
يُعالجنا علجٌ ويسلبُنا وَغدُ |
بناتك يا ابن الطهر طه حواسرٌ |
|
ورحلُكَ منهوبٌ تقاسمه الجندُ |
لقد خابتِ الآمالُ وانقطع الرجا |
|
بموتك مات العلمُ والدينُ والزهدُ |
وأضحت ثغورُ الكفرِ تبسمُ فرحةً |
|
وعينُ العلى ينخدُّ من سحِّها الخدُّ (٢) |
وصوّح نبتُ الفضلِ بعد اخضرارِه |
|
وأصبح بدرُ التمِّ قد ضمّه اللحدُ |
تُجاذبنا أيدي العدا فضلةَ الرِّدا |
|
كأن لم يكن خير الأنام لنا جَدُّ |
فأين حصوني والأُسود الأُلى بهمْ |
|
يُصالُ على ريبِ الزمان إذا يعدو |
__________________
(١) الرضّ : الدقّ والجرش. الرضخ : الكسر. الجرد ، راجع : ص ٢٤. (المؤلف)
(٢) ينخدّ : ينشقّ. السحُّ : الصبّ المتتابع الغزير. (المؤلف)