فالبعض ، كصاحب كتاب «القاموس» ، اعتبرها مفردا ، إلّا أن البعض الآخر كالزجّاج اعتبر الضياء جمعا للضوء ، وقد قبل هذا المعنى صاحبا تفسير «المنار» وتفسير «القرطبي»، وخاصّة صاحب المنار ، حيث استفاد على أساس هذا المعنى استفادة خاصّة من الآية ، فهو يقول : إن ذكر الضياء بصيغة الجمع في شأن نور الشمس إشارة إلى الشيء الذي أثبته العلم اليوم بعد قرون ، وهو أنّ نور الشمس مكون من سبعة أنوار ، وبتعبير آخر سبعة ألوان ، هي الألوان التي تظهر في قوس قزح ، وتلاحظ عند مرور النور عبر المناشير البلورية.
ولكن يبقى هنا سؤال ، وهو : هل أن نور القمر ، رغم أنّه أضعف ، غير متكون من الألوان المختلفة؟
٣ ـ هناك بحث ونقاش بين المفسّرين في أنّ ضمير (قَدَّرَهُ مَنازِلَ) يعود إلى القمر فقط ، أم يرجع إلى الشمس والقمر؟ فالبعض يعتقد أن الضمير وإن كان مفردا ، إلّا أنّه يعود إلى الإثنين معا ، ونظير ذلك في الأدب العربي غير قليل.
اختيار هذا الرأي من أجل أن القمر ليس الوحيد الذي له منازل ، بل إنّ للشمس أيضا منازل ، ففي كل وقت تكون في برج خاص ، والاختلاف في الأبراج هذا هو مبدأ التاريخ والأشهر الشمسية.
والحق أنّ ظاهر الآية يوحي بأنّ هذا الضمير المفرد يعود للقمر فقط ، لقربه منه ، وهذا بنفسه يحتوي على نكتة ، ذلك :
أوّلا : إنّ الأشهر التي عرفت في الإسلام والقرآن رسميا هي الأشهر القمرية.
ثانيا : إنّ القمر كرة متحركة ولها منازل ، أمّا الشمس فإنّها تقع في وسط المنظومة الشمسية ، وليس لها حركة ضمن مجموع هذه المنظومة ، وإنّ اختلاف الأبراج ومسير الشمس في المدار الفلكي ذي الإثني عشر برجا ، والذي يبدأ من الحمل وينتهي بالحوت ، ليس بسبب حركة الشمس ، بل بسبب حركة الأرض حول الشمس ، ودوران الأرض هذا هو السبب في أن نرى الشمس تقابل كل شهر