لكن لما كان الله سبحانه قد خلق الإنسان ليحيا حياة سعيدة مقرونة بالنظام ، فإنّه قد وضع وسائلها تحت تصرفه.
صحيح أن الإنسان يمكنه تنظيم أعماله إلى حدّ ما بالأمور الاعتبارية ، إلّا أنّه إذا لم يستند إلى الميزان الطبيعي فإنّ مقياسه الجعلي لا يكون عاما وشاملا ، وليس قابلا للاعتماد.
إنّ دوران الشمس والقمر ـ وبتعبير أصح دوران الأرض حول الشمس ـ والمنازل التي لهما ، يشكل تقويما طبيعيا واضح الأساس ويستفيد منه الجميع في كل مكان ، ويعتمدون عليه ، فكما أن مقدار اليوم والليلة يعتبر مقياسا تاريخيا صغيرا ينشأ نتيجة عالم طبيعي ، أي حركة الأرض حول نفسها ، فإنّ الشهر والسنة يجب أن تستند إلى دوران طبيعي ، وعلى هذا المنوال فإنّ حركة القمر حول الأرض يشكل مقياسا أكبر ، فإنّ الشهر يساوي ثلاثين يوما تقريبا ، وحركة الأرض حول الشمس ينتج منها مقياس أعظم ، وهو السنة.
قلنا : إنّ التقويم الإسلامي يستند إلى التقويم القمري ودوران القمر ، ورغم أنّ دوران الشمس في الأبراج الإثني عشر طريقة جيدة لتعيين الأشهر الشمسية ، أنّ هذا التقويم مع أنّه طبيعي ، إلّا أنّه لا ينفع الجميع ، وإنّما يستطيع علماء النجوم فقط عبر رصد النجوم من تحديد كون الشمس في البرج الفلاني ، ولهذا السبب فإنّ الآخرين مجبورون على مراجعة التقاويم التي نظمت من قبل هؤلاء المنجمين. أن دوران القمر المنتظم حول الأرض يعطي تقويما واضحا يستطيع قراءة خطوطه وخرائطه حتى الأميون وسكّان البوادي.
وتوضيح ذلك إن هيئة القمر تختلف في كل ليلة في السماء عن الليلة السابقة واللاحقة ، بحيث لا توجد ليلتان في طول الشهر تتحد فيها هيئة القمر في السماء ، وإذا دققنا قليلا في وضع القمر كل ليلة فإنّنا سنعتاد رويدا رويدا على تعيين تلك الليلة من ليالي الشهر.