الجالس في مكان مرتفع ، ويطلق أيضا على ساكني قمم الجبال.
وقد فسّر في الآية ب (أشرف الجنان) أو (أعلى مكان في السماء).
وقيل : إنّما استعمل اللفظ بصيغة الجمع للتّأكيد على معنى (العلو في علو).
وعلى أيّة حال ، فما عرضناه بخصوص تفسير «سجّين» يصدق على «عليّين» أيضا ، بقوليه :
الأوّل : أنّ المقصود من «كتاب الأبرار» هو صحيفة أعمال الصالحين والمؤمنين ، فجميع الأعمال تجمع في هذا الديوان العام ، وهو ديوان عالي المقام وشريف القدر.
الثّاني : أنّ صحيفة أعمال الأبرار تكون في أشرف مكان ، أو في أعلى مكان في الجنّة ، وهذا يكشف عن علو شأنهم ورفعة كرامتهم عند الله عزوجل.
وجاء في الحديث النّبوي الشريف : «عليّون في السماء السابعة تحت العرش» (١).
وهذا بالضبط هو المحل المضاد تماما لمحل صحيفة أعمال «الفجار» ، حيث وضعت في أسفل طبقات جهنم.
وذهب قسم من المفسّرين إلى أنّ ال «كتاب» هنا يرمز لمعنى (المصير) ، أو (الحكم القطعي الإلهي) بخصوص نيل الصالحين درجات الجنّة العلى.
ولا يضرّ من الجمع بين التّفسيرين ، فأعمال الأبرار مجموعة في ديوان عام ، ومحل ذلك الديوان في أعلى نقطة من السماء ، ويكون الحكم والقضاء الإلهي كذلك مبنيّ على كونهم في أعلى درجات الجنّة.
ولأهمية وعظمة شأن «عليّين» .. تأتي الآية التالية لتقول : (وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ) ، إنّه مقام من المكانة بحيث يتجاوز حدود التصور والخيال والقياس
__________________
(١) تفسير القرطبي ، ج ١٠ ، ص ٧٠٥٣ ، ومجمع البحرين : مادة (علو).