والظن ، بل وحتى أنّ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وعلى ماله من علو شأن ومرتبة مرموقة ، فلا يستطيع من تصور حجم أبعاد عظمته.
ويبدأ البيان القرآني بتقريب ال «عليّين» إلى الأذهان : «كتاب مرقوم»
وهذا على ضوء تفسير «عليّين» بالديوان العام لأعمال الأبرار ، أمّا على ضوء التّفسير الآخر فسيكون معنى الآية : إنّه المصير الحتمي الذي قرره الله وسجّله لهم ، بأن يكون محلهم في أعلى درجات الجنّة ، (بناء على هذا التّفسير فستكون الآية «كتاب مرقوم» مفسّرة لكتاب الأبرار وليس لعليّين).
وكذلك : (يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ) أي يشاهدونه ، أو عليه يشهدون عليه.
ثمّة من ذهب إلى أنّ «المقربون» في الآية ، هم ملائكة مقرّبون عند الله عزوجل ، ينظرون إلى ديوان أعمال الصالحين ، أو ينظرون إلى مصيرهم المحتوم.
ولكنّ الآيات التالية تظهر بوضوح بأنّ المقرّبين ، هم نخبة عالية من المؤمنين لهم مقام مرموق ، وبإمكانهم مشاهدة صحيفة أعمال الأبرار والصالحين.
ويمكن أن نستفيد هذا المعنى من الآيتين (١٠ و ١١) من سورة الواقعة : (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) ... ومن الآية (٨٩) من سورة النحل : (وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ).
وينتقل الحديث إلى عرض بعض جوانب جزاء الأبرار : (إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ).
«النعيم» : هو النعمة الكثيرة ـ على قول الراغب في مفرداته ـ وجاءت بصيغة نكرة لتعظيم شأنها ، أي إنّهم في نعيم مادي ومعنوي لا حدّ لوصفه.
وينقلنا البيان القرآني لجوانب من نعيم الأبرار : (عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ) (١).
__________________
(١) المبتدأ محذوف في الآية ، التقدير : (هم على الأرائك ينظرون) «ينظرون» ، حال ، أو أن جملة «على الأرائك» : خبر ثان ، نسبة إلى «إنّ» الواردة في الآية السابقة.