«الأهل» : هم العائلة والأقرباء ، وقد تشمل الأصدقاء المقرّبين أيضا.
والأسلوب الرّابع : (وَإِذا رَأَوْهُمْ قالُوا إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ).
لما ذا؟ لأنّهم تركوا ما كان شائعا من عبادة الأصنام ، والخرافات التي يعتبرونها هداية! واتجهوا نحو الإيمان بالله والتوحيد الخالص.
ولأنّهم باعوا لذة الدنيا الحاضرة بنعيم الآخرة الغائبة! ...
ويمكن أن تكون هذه المواجهة قد حدثت بعد انتهاء مرحلة الاستهزاء ، بعد أن غلّف الأمر بطابع الجديّة ورأوا ضرورة المواجهة الشديدة ، لأنّ حال المشركين والكافرين على مرّ التاريخ في مواجهتهم لدعوة ورسالات الأنبياء عليهمالسلام تبدأ بالسخرية وعدم المبالاة ، وكأنّهم لم يشاهدوا بعد من الدين الجديد ما يوجب الوقوف أمامه بجدّ وحزم ، ولكن بمجرّد إحساسهم بأنّ الدين الإلهي راح ينفذ إلى قلوب النّاس ، ورؤيتهم لازدياد أتباعه ، سيزداد إحساسهم بالخطر ، فيدخلون مرحلة المواجهة العنيفة مع الدين الجديد.
فتشير الآية إلى أوّل خطوة جادة من قبل المجرمين في قبال المؤمنين ، التي تتبعها خطوات وخطوات حتى تصل الحال إلى المواجهة الدموية الحادّة.
وغالبا ما لا يكون المؤمنون من أثرياء أو وجهاء القوم ، ولذلك ينظر إليهم باحتقار ويهزأ بدينهم وإيمانهم ، في مجتمع يسوده التمايز الطبقي بشكل راسخ وظاهر.
فيقول القرآن الكريم في الآية التالية : (وَما أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حافِظِينَ)
فبأي حقّ إذن يهزأون بهم ، ويقفون أمامهم؟!
تنقل لنا الآية (٢٧) من سورة هود ما قاله المستكبرين من أثرياء قوم نوح عليهالسلام : (وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ) ، وتنقل لنا الآية (٣١) من نفس السّورة جواب نوح عليهالسلام : (وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللهُ خَيْراً اللهُ أَعْلَمُ بِما فِي أَنْفُسِهِمْ).