وأرباب بينون وأرباب ناعط |
|
خلا ملكهم منهم فأصبح عازبا |
ومأرب إذ كانت وأرباب مأرب |
|
توافي جباء الصين بالخرج مأربا |
فمن ذا يرجى الملك من عبد حمير |
|
ويأمن تكرار الردى والنوائبا |
أولئك مأوى للنعيم كفاهم |
|
ولكن وجدنا الخير للشر صاحبا |
وقد أبطل هذه الروايات ابن خلدون في مقدمته ، وعدها من أغلاط المؤرخين ، وأطال في نقد كل رواية جاءت بغزو حمير لأمم الشرق أو الغرب ، وعلل امتناع ذلك بعلل جغرافية وأخرى إدارية وسياسية ، ولكنه وقع فيما أنكره على غيره ، ولا أقول كما قال فيه بعض المستشرقين من أنه قليل الثبات على وتيرة واحدة ، وإليك ما قاله في نقد أقوال المؤرخين أولا ، قال : (ومن الأخبار الواهية للمؤرخين ما ينقلونه كافة في أخبار التبابعة وملوك اليمن وجزيرة العرب من أنهم كانوا يغزون من قراهم باليمن إلى أفريقيا والبربر من بلاد المغرب وأن افريقش بن قيس بن صيفي من أعاظم ملوكهم الأول ، وكان بعهد موسى عليه السلام أو قبله بقليل ، غزا أفريقيا وأثخن في البربر ، وأنه الذي سماهم بهذا الإسم حين سمع رطانتهم ، وما قال : ما هذه البربرة الخ.
ثم ذكر رواية المسعودي أيضا من أن ذا الأذعار من ملوكهم غزا المغرب ودوخه ، إلى أن قال : «وكذلك يقولون في تبع الآخر من أنه ملك الموصل وأذربيجان ، ولقي الترك وهزمهم ، وأثخن ، ثم غزاهم ثانية وثالثة ، وأنه بعد ذلك أغزى ثلاثة من بنيه بلاد فارس والصغد والصين ، إلى أن قال : وهذه الأخبار كلها بعيدة عن الصحة ، عريقة في الوهم والغلط وأشبه بأحاديث القصص الموضوعة وذلك أن ملك التبابعة إنما كان بجزيرة العرب وكرسيهم صنعاء ، وجزيرة العرب ، يحيط بها البحر من ثلاث جهاتها ، فبحر الهند من الجنوب ، وبحر فارس الهابط منه إلى البصرة من المشرق ، وبحر السويس الهابط منه إلى السويس كما تراه في مصور الجغرافيا ، فلا يجد السالكون من