فمن أسباب رداءة الرواية عند مؤرخنا التّسرع في النقل واختصار العبائر دون فهم فحواها حقيقة.
وربما استعمل مؤلفنا لمحاولة فهم الحقيقة كما وردت شتّى معارفه المتنوعة من تحليل منطقي ، إلى معرفة جغرافية ، إلى غير ذلك أنظر إليه ينتقد قول صاحب أنباء الزمن حول توارد الجيوش على الحبوض في ظفار ، وتجنيد الدّولة الرسولية طاقاتها لمحاربته «فاين نجد من تهامة ، والعجب من صاحب أنباء الزمن كيف يقبل مثل هذه الرواية ، وهو لم يحدثنا قط فيما كتبه ، من أن نفوذ أمراء ظفار وقلاعهم كانت شحنت بها بلاد الجوف»
ويستعمل الأقيسة والبراهين التاريخية لنقد الحدث الواحد الذي لا يقبله الواقع ، يقول في إنتقاد قول صاحب انباء الزمن ان الطريق بين اليمن والبصرة انقطعت عن مرور التجار «وقد نقلنا عنه هذه الجملة التاريخية الجغرافية بالحرف الواحد والعهدة عليه ، وسيأتي ما يدل على ان المواصلة بين اليمن وبغداد عن طريق البصرة والجوف وأرض الحشرات والعقارب الناهشات ، كانت مستمرّة يقطعها الواحد والجماعة فمن ذلك إرسال الملك المظفر سفيره إلى بغداد عن طريق براقش سنة ٦٥٠ والمرة الثانية عند ما قتل الإمام أحمد بن الحسين سنة ٦٥٦ أزعج المظفر رسوله إلى بغداد بذلك النبا» الخ.
فهو هنا يستعمل في نقده الوقائع التاريخية التي حدثت بالفعل معتمدا على تواريخ ، وأقوال مضبوطة لمؤرّخين معروفين.
وربما لا تسعفه المادة في بعض الأحيان لنقد خبر واه ، أو جملة جزافية ، فنجده يوردها بصيغة تضعيف تجعله في حلّ من تبعتها ، كأن يقول : كذا قول فلان ، أو : «وقد نقلنا هذه الجمل التاريخية بالحرف الواحد والعهدة عليه».
وقد ينبّه صراحة على الخطأ بعد إعمال الجهد في تصحيحه ، والتنقيب