عن مصادره فيقول : «اعتمدنا في هذه الأنباء على رواية الخزرجي وفيها من الإضطراب ما لا يخفى ، وقد راجعنا أنباء الزمن ، وقرة العيون ، وبغية المستفيد ، وغيرها فوجدنا من الاختلاف ما تعذّر معه الوفاق والملاءمة»
ومن ثم يجد مؤرخنا نفسه أمام مسؤولية كبيرة في تدوين التاريخ فلا ينساق إلى أقوال المؤرخين في كتبهم كما ترد ، وإنما يحلّل ويقيس ، وقد وقف كثيرا عند قول صاحب البسامة في غزو الإمام الناصر عدن في القرن الثالث الهجري يقول مؤلفنا : «وقد أطلنا البحث في جميع المصادر الموجودة بأيدينا عما أشار إليه السيد صارم الدين بقوله عند ذكر الإمام الناصر في البسامة :
ودوّخ اليمن الأقصى الى عدن |
|
مع الجبال كبغداد وكالشعر |
فلم نجد تفاصيل هاتيك الملاحم ما يستحق التصدير
ويرى قصور المؤرخين القدماء عن سبر الأمور وكنه أغوارها من جميع الوجوه سببا في البعد عن الحقيقة ففي الحديث عن ثورة أهل بحران يرى تأثير النّصارى الموجودين فيها خلال ذلك الوقت على تلك الحوادث أمرا لم يفطن إليه أحد يقول : «ولو أن قدماء المؤرّخين نظروا إلى الحوادث ، نظر إستنتاج ، ولا حظوا أحوال البيئة ، والوسط الذي عاشت فيه هذه الطائفة والظروف الداخلية والخارجية ، التي كان لها أثرها في تكوين طباعهم وتلوين مشاربهم لظهرت النتيجة معلنة بما كان لدعاة النصرانية من يد في «تأريث تلك النّار ، ولكنهم اكتفوا بالنظر السّطحي في تدوين الملاحم البشرية ، والمعارك الدموية ، فجاءت الثمرة ناقصة يعوزها النضوج».
ويتشعب البحث أمامه في تتبع هفوات المؤرخين ، ويعلل أسبابها إلى أمرين أدركهما من تتبعه الشّديد لطبيعة تلك الأخبار والروايات وهما : «قوة الإيحاء وفعل المحاكاة» يقول عن بعضهم : «فقد تأثر بغلط غيره ، واندفع إلى متابعته بقوة الإيحاء ، وفعل المحاكاة».