لسبر غور الحادثة التاريخية أو النّص الأدبي كإيراده لشعر جياش في نبذ الحلم بقوله :
إذا كان حلم المرء عون عدوه |
|
عليه فإن الجهل أنقى وأروح |
وفي العفو ضعف والعقوبة قوة |
|
إذا كنت تعفو عن كفور وتصفح |
نجده يربط هذا بعمل جياش المشين بقتل وزيره ابن خلف الذي شاركه محنته وهربه إلى الهند يقول :
«وكأنه وخزه الضمير وأنّبه الوجدان وأهاب به العدل وسمع صوت الحق يلومه ، ويقبح فعله ، لاذ بنزعات الطغاة ، وشذوذ العتاة ، فاستروح لكلمة الطاغية ابن الزّيات المأثورة ، إذا قال له المعذّب : ارحمني قال : الرّحمة خور في الطبيعة ، فرقص على ذلك الإيقاع ونظم الأبيات المتقدمة».
على أن أهم ما يشدّك في الكتاب ويجذبك اليه هو حسن التناسق ، وروعة التبويب ، مع أنه ربط كتابه بطريقة الحوليات وذلك لمنهج ارتضاه ، حيث تتعدد الحوادث وتتشتّت اتجاهاتها ، بحيث يتعذّر حصرها ، وقد ألمّ بذلك في اسلوب عصري حديث يقرّب إليك النافر ويسهّل عليك الفهم ، إسمعه وهو يحدّثنا عن انقراض الدولة الصليحية وموت ملكتها : «وبموتها انقرضت الحكومة الصليحية بعد أن حكمت قرابة قرن سخّرت البلاد لمصالحها ، وتركت الأمة اليمنية تعيش في جو مختنق وميدان ضيق ، رهن القواعد المرسومة والنّظريات المعلومة ، من دعاة الإسماعيلية ، وكانت الطبقة المسيطرة تتلعب بعقول العامة ، وتستأثر بكل موارد العيش ، ومرافق الحياة .. ولذلك تفككت عرى القومية ، وتلاشت العقلية والمنتجات الفنية.
وفقدت ملكة الإبداع والابتكار».
ويتجلى في أسلوب أديبنا في أحيان كثيرة إشراقات أدبية رائعة ، تحول النص التاريخي من سرد إجمالي مجرّد إلى قطعة أدبية فخمة ، تجذبك إليها وتضطرّك إلى متابعة الحدث بتشوق ولهفة ، اسمعه وهو يصف حالة ذي