على رجل أروع (١) |
|
يرى منه فضل الوجل |
شهاب خبا وقده |
|
وعارض غيث أفل |
شكت دولتي فقده |
|
وكان يزين الدول |
فقام بعده ابنه : أبو الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون ، وبايعه الجند يوم الأحد لعشر خلون من ذي القعدة ، فأمر بقتل أخيه العباس لامتناعه من مبايعته ، وعقد لأبي عبد الله أحمد الواسطيّ ، على جيش إلى الشام لست خلون من ذي الحجة ، وعقد لسعد الأعسر على جيش آخر ، وبعث بمراكب في البحر لتقيم على السواحل الشامية ، فنزل الواسطيّ فلسطين ، وهو خائف من خمارويه أن يوقع به ، لأنه كان أشار عليه بقتل أخيه العباس ، فكتب إلى أبي أحمد الموفق : يصغر أمر خمارويه ، ويحرّضه على المسير إليه ، فأقبل من بغداد ، وانضمّ إليه إسحاق بن كنداح ، ومحمد بن أبي الساج ، ونزل الرقة ، فتسلم قنسرين (٢) والعواصم وسار إلى شيرز (٣) ، فقاتل أصحاب خمارويه ، وهزمهم ودخل دمشق ، فخرج خمارويه في جيش عظيم لعشر خلون من صفر سنة إحدى وسبعين ، فالتقى مع أحمد بن الموفق بنهر أبي بطرس المعروف بالطواحين من أرض فلسطين ، فاقتتلا فانهزم أصحاب خمارويه ، وكان في سبعين ألفا ، وابن الموفق في نحو أربعة آلاف ، واحتوى على عسكر خمارويه بما فيه ، ومضى خمارويه إلى الفسطاط ، وأقبل كمين له عليه : سعد الأعسر ، ولم يعلم بهزيمة خمارويه ، فحارب ابن الموفق ، حتى أزاله عن المعسكر ، وهزمه اثني عشر ميلا ومضى إلى دمشق ، فلم يفتح له ، ودخل خمارويه إلى الفسطاط لثلاث خلون من ربيع الأوّل ، وسار سعد الأعسر والواسطيّ ، فملكا دمشق ، وخرج خمارويه من مصر لسبع بقين من رمضان ، فوصل إلى فلسطين ، ثم عاد لاثنتي عشرة بقيت من شوّال ، ثم خرج في ذي القعدة سنة اثنتين وسبعين ، فقتل سعدا الأعسر ، ودخل دمشق لسبع خلون من المحرّم سنة ثلاث وسبعين ، وسار لقتال ابن كنداح ، فكانت على خمارويه ، فانهزم أصحابه ، وثبت هو في طائفة ، فهزم ابن كنداح ، وأتبعه حتى بلغ أصحابه سرّ من رأى ، ثم اصطلحا وتظاهرا ، وأقبل إلى خمارويه ، فأقام في عسكره ، ودعا له في أعماله التي بيده ، وكاتب خمارويه أبا أحمد الموفق في الصلح ، فأجابه إلى ذلك ، وكتب له بذلك كتابا ، فورد عليه به : فالق الخادم إلى مصر في رجب ذكر فيه : أنّ المعتمد والموفق وابنه كتبوه بأيديهم ، وبولاية خمارويه وولده ثلاثين سنة على مصر والشامات ، ثم قدم خمارويه سلخ رجب ،
__________________
(١) الأروع : من يعجبك بحسنه وجهارة منظره وشجاعته كالرائع. ج. أرواع.
(٢) قنسرين : كورة بالشام منها حلب بينهما مرحلة وقد خربت سنة ٣٥٥ نتيجة غزو الروم. معجم البلدان ج ٤ / ٤٠٤.
(٣) شيزر : قلعة تشتمل على كورة بالشام بينها وبين حماه يوم يمر في وسطها نهر العاصي. معجم البلدان ج ٣ / ٣٨٣.