ثقة الدولة أبي عمرو عثمان بن يوسف المخزومي في كتاب المنهاج في علم الخراج : والسنة الخراجية مركبة على حكم السنة الشمسية لأنّ السنة الشمسية ثلثمائة وخمسة وستون يوما وربع يوم ، ورتب المصريون سنتهم على ذلك ليكون أدار الخراج عند إدراك الغلات من كل سنة ، ووافقها السنة القبطية ، لأنّ أيام شهورها ثلثمائة وستون يوما ، ويتبعها خمسة أيام النسيء وربع يوم بعد تقضي مسرى ، وفي كل أربع سنين تكون أيام النسيء ستة أيام ، لينجبر الكسر.
ويسمون تلك السنة كبيسة ، وفي كل ثلاث وثلاثين سنة تسقط سنة ، فيحتاج إلى نقلها لأجل الفصل بين السنين الشمسية والسنين الهلالية ، لأنّ السنة الشمسية ثلثمائة وخمسة وستون يوما وربع يوم ، والسنة الهلالية ثلثمائة وأربعة وخمسون يوما وكسر ، ولما كان كذلك احتيج إلى استعمال النقل الذي تطابق به إحدى السنتين الأخرى ، وقد قال أبو الحسن عليّ بن الحسن الكاتب رحمهالله : عهدت جباية أموال الخراج في سنين قبل سنة إحدى وأربعين ومائتين من خلافة أمير المؤمنين المتوكل على الله رحمة الله عليه ، تجري كل سنة في السنة التي بعدها ، بسبب تأخير الشهور الشمسية عن الشهور القمرية في كل سنة أحد عشر يوما وربع يوم ، وزيادة الكسر عليه ، فلما دخلت سنة اثنتين وأربعين ومائتين ، كان قد انقضى من السنين التي قبلها ثلاث وثلاثون سنة ، أوّلهنّ سنة ثمان ومائتين من خلافة أمير المؤمنين المأمون رحمة الله عليه ، واجتمع من هذا المتأخر فيها أيام سنة شمسية كاملة ، وهي ثلثمائة وخمسة وستون يوما وربع يوم ، وزيادة الكسر ، وبها إدراك غلات ، وثمار سنة إحدى وأربعين ومائتين في صفر سنة اثنتين وأربعين ومائتين ، وأمر أمير المؤمنين المتوكل على الله رحمة الله عليه ، بإلغاء ذكر سنة إحدى وأربعين ومائتين ، إذ كانت قد انقضت ، وينسب الخراج إلى سنة اثنتين وأربعين ومائتين ، فجرت الأعمال على ذلك سنة بعد سنة ، إلى أن انقضت ثلاث وثلاثون سنة آخرهنّ انقضاء سنة أربع وسبعين ومائتين ، فلم ينبه كتاب أمير المؤمنين المعتمد على الله رحمة الله عليه على ذلك ، إذ كان رؤساؤهم في ذلك الوقت إسماعيل بن بلبل وبني الفرات ، ولم يكونوا عملوا في ديوان الخراج والضياع في خلافة أمير المؤمنين المتوكل على الله رحمة الله عليه ولا كانت أسنانهم أسنانا بلغت معرفتهم معها هذا النقل ، بل كان مولد أحمد بن محمد بن الفرات قبل هذه السنة بخمس سنين ، ومولد عليّ أخيه فيها ، وكان إسماعيل بن بلبل يتعلم في مجلس لم يبلغ أن ينسخ ، فلما تقلدت لناصر الدين أبي أحمد طلحة الموفق رحمهالله أعمال الضياع بقزوين (١) ونواحيها ، لسنة ست وسبعين ومائتين ، وكان مقيما بأذربيجان (٢) ، وخليفته بالجبل جرادة بن محمد ،
__________________
(١) قزوين : مدينة مشهورة بينها وبين الري سبعة وعشرون فرسخا وهي في بلاد فارس. معجم البلدان ج ٤ / ٣٤٢.
(٢) آذربيجان : إقليم واسع يتصل شمالا ببلاد الديلم وشرقا إلى برذعة ومن مدنها تبريز وفيها قلاع كثيرة.
معجم البلدان ج ١ / ١٢٨.