«شيشق الأول» الذي حارب ملك الشام وهو ابن سيدنا سليمان عليهالسلام وفتح مملكته وبقيت تحت حكمه ، وصور فتوحه على هيكل الكرنك وكتب عليه بالنقش بحروفهم مملكة يهوذا في قبضتي ، ثم خرجت عليه الشام وحاربها إبنه وانكسر ثم لم يكن لوقائع مصر من أهمية إلى أن استولت عليها العائلة الخامسة والعشرون ، وهي من ملوك الحبشة وأولها فرعون «سباقون» وصارت من هاته العائلة عدة ملوك وحاربوا ملوك أشور التي كانت مملكتهم بين الفرس والشام وعظمت مملكة مصر في أيام تلك العائلة حتى اتحدت بالحبشة وغالب أفريقية وصار فيها تمدن عظيم حسبما دلت عليه الآثار ، ثم انقرضت الدولة وانقسمت المملكة المصرية إلى إثني عشر قسما ثم اتحدت تحت العائلة السادسة والعشرين وأولها فرعون «أبساميس» وترقت المملكة في أيامه وكان فيها ابتداء استعمال الحروف الأبجدية في الكتابة عوضا عن الكتابة بالصور التي كانت مستعملة سابقا كل صورة علامة على كلمة ، ومن مدته ابتدأ التثبت في التاريخ المصري وانجلى حاله نوعا ما عما كان من قبل في إثبات الزمن ، فكانت ولاية المذكور سنة ٦٦٤ قبل الميلاد ، وكان خلط بمعارفهم معارف اليونان وكثرت بينهم الخلطة ثم استولى إبنه وفتح بعض آسيا ومنها بابل وأراد وصل النيل بالبحر الأحمر ولم يتمه وخرج عنه أيضا بعض ما فتحه في آسيا كملك الشام ، ثم استولى عدة من ذريته إلى أن فتح مصر بخت نصر وقتل فرعونها وأولى عليها أحد أعيانها فخالف عليه فحاربته مملكة فارس وتغلبت على جميع البلاد وصارت مصر ولاية فارسية حدثت فيها عدة ثورات من الأهالي لإنقاذ أنفسهم من الفرس ولم تغن شيئا ، ونهاية خروج مصر من يد أهلها كان في حدود سنة ٣٥٨. قبل الميلاد ولم يتولاها أحد منهم إلى الآن بل كانت سائر دولها من المتسلطين من خارج ، ثم بقي بعد تلك الثورات استقرار ملك فارس إلى أن ظهر اسكندر المقدوني اليوناني وشرع في الفتوح فافتتح مصر وجعل قاعدتها الإسكندرية كما مر ، وكان فتوحه سنة ٣٣٢ قبل الميلاد ، ثم استولى عليها بطليموس الأول من اليونان أحد قواد الإسكندر عند اقتسام ممالكه بعد موته وانتشأت الدولة البطليموسية التي تحفظت على ما أمكن لها معرفته من علوم قدماء المصريين وزادت بمعارف اليونان ، وقد فتح بطليموس المذكور الشام وجعله ولاية مصرية وأهلك من اليهود ما أبقاه بخت نصر حتى لم يبق منهم إلا القليل النادر من الرعاع ، ثم لما تولى إبنه أعتق من وجده منهم وردهم إلى بيت المقدس مكرّمين وهو الذي أمر بترجمة التوراة من سبعين رجلا من الهيود العارفين باللغة اليونانية فترجمها كل منهم بانفراده وقوبلت التراجم مع بعضها واستخرج من الجميع نسخة واحدة وهي المعروفة الآن بالسبعينية ، ومع ذلك فهي مخالفة الآن للعبرانية والسامرية وكأن السبعينية أقل تحريفا للإتفاق عليها إذ ذاك ، وكان تحت مصر إذ ذاك تونس وطرابلس وكثير من جزيرة العرب والشام وكثير من جزائر اليونان ، ثم تولى بطليموس الثالث وزاد في الفتوح إلى أن دخل أواسط آسيا ثم تولى الرابع وقتل اليهود في سائر ممالكه شر قتلة وكان بطشا ، وتولى بعده ذريته ولكنهم لم يكن لهم من تقدم أجدادهم سوى إسم الملك أما الأعمال فهي قهرية استبدادية شهوية سنة الله في انقراض الدول ، حتى استولت منها امرأة ذات جمال فائق وإسمها كليوباتر فعاثت في البلاد والعباد وضعف ملكها فقصدها أمبراطور الرومان بالحرب وأرسل لها جيشا ولكنها لما اجتمعت