برئيس جيوشه شغفته حبا حتى تزوجها بعد أن كانت تزوجت أخويها واحدا بعد آخر ، ثم أقام معها رئيس الجيوش إلى أن أرسل إليه جيش آخر وقتل في المعركة ولما أيست الملكة من النجاة مكنت حية قتالة من ثديها فنهشتها وماتت وقد رأيت صورتها في عدة أماكن من أوروبا والحية في ثديها ، وكان بذلك انقراض دولة اليونان عن مصر وابتداء استيلاء الرومان عليها ، فلم تزل ولاية رومانية يلقب واليها بالمقوقس (١) له إطلاق التصرف إلى أن جاءت البعثة وخاطب النبي صلىاللهعليهوسلم الملوك بالدعوة إلى الإسلام فكان من الملوك المخاطبين منه عليه الصلاة والسلام المقوقس.
ونص الكتاب الذي بعثه إليه.
بسم الله الرحمن الرحيم من محمد عبد الله ورسوله إلى المقوقس عظيم القبط سلام على من اتبع الهدى أما بعد فإني أدعوك بداعية الإسلام أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين فإن توليت فعليك إثم القبط (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) [آل عمران : ٦٤] اه.
فأجابه بالعربية بما نصه : «بسم الله الرحمن الرحيم لمحمد بن عبد الله من المقوقس عظيم القبط سلام عليك أما بعد فقد قرأت كتابك وفهمت ما ذكرت فيه وما تدعو إليه وقد علمت أن نبيا قد بقي وكنت أظن أن يخرج من الشام وقد أكرمت رسولك وبعثته إليك بجاريتين لهما مكان من القبط عظيم وكسوة وأهديت إليك بغلة لتركبها والسلام» (٢).
فلم يكن فيه إجابة ولا إنكار وإنما هو يومي إلى قرب الإجابة.
ثم فتحت مصر في خلافة سيدنا عمر رضياللهعنه سنة ٢٠ ه على يد عامله سيدنا عمرو بن العاص في جيش عدده ثمانية آلاف ، وأمده الخليفة بأربعة من أسود الصحابة قال إن الواحد منهم في مقام ألف ، فتلك إثنا عشر ألفا ولن يغلب إثنا عشر ألفا من قلة وتمادي الفتح منها لبقية أفريقية ، وحيث كانت أخبارها إلى العائلة المحمدية العلوية مبسوطة في التواريخ لا يمكن استيعابها نقتصر هنا على ذكر الدول وسنينها وملاحظات في صفتها في جدول خاص.
هذا وأما بقية الملحقات السودانية وهي القسم الجنوبي من النوبة وما يليه جنوبا من بقية السودان وقاعدة ملكهم تسمى سنار بإسم المملكة ، فغاية ما يعلم من أحوالها أنها قبل الهجرة بنحو ٣٧٣٥ سنة كان يسكنها قوم من الزنج لا تعرف أحوالهم ، ثم وردت عليهم طائفة الكوش من العرب وحصلت بينهم وبين المصريين وقائع اضطرت المصريين إلى إقامة
__________________
(١) المقوقس : إسم أطلقه العرب على كورش وزير حاكم مصر البيزنطي وبطريرك الإسكندرية لما فتح عمرو بن العاص مصر (٦٣٩ ـ ٦٤٢) المنجد ص (٦٨٠).
(٢) انظر طبقات ابن سعد ١ / ٢٠٠.